تأهلت طالبتا الهندسة المعمارية في جامعة القدس داليا جدوع وبراءة راشد لمسابقة تميُّز المعمارية الدولية (TAMAYOUZ EXCELLENCE AWARD) الهادفة لدعم مشاريع التخرج المعمارية المتميزة، عن مشروع تخرجهما بعنوان “Gaza Under Attack Museum” ضمن أفضل 100 مشروع حول العالم، وذلك تحت اشراف الدكتور حسني قرط.
“سجلنا بالمسابقة وبعد فترة أُعلن عن المشاريع المتأهلة وكان مشروعنا ضمنها، وهو ما كنا نطمح له لنتمكن من نشر المشروع على منصة رسمية يطلع عليها الكثير من الفئات، ليصل صوت الرواية الفلسطينية من خلال العمارة التي لها دور مهم في تجسيد الواقع ونقله للعالم”، تقول الطالبة جدوع.
المتحف تجربة متكاملة لمعاينة الحرب وذكرياتها
وأضافت جدوع حول اختيار موضوع المشروع “اختيارنا لقطاع غزة كموضوع لمشروعنا كان بسبب الحصار والانتهاكات والمعاناة التي يمر بها سكانه كبارًا وأطفالًا، وتحويلها لسجن كبير يحمل خلف جدرانه روايات وآلام كثيرة لا بدّ من نقلها والحديث عنها”.
اختارت الطالبتان المتحف كوسيلة لعرض المشروع، باعتباره أحد أساليب التعبير عن الواقع وعيش تجارب حقيقية داخله، وهدف مشروع المتحف إلى تخليد ذكرى الحروب والضحايا في قطاع غزة خاصة وفي فلسطين عامة، ليوفر للزائرين تجربة متكاملة لفهم حقائق الحروب وما يجري خلف هذا الحصار بعيدًا عن رواية الاحتلال ومزاعمه كما تشيران.
وعن التصميم المعماري للمشروع أوضحت جدوع “يحتوي المشروع معماريًا على فراغات مختلفة في الشكل والتصميم ليبقى الزائر في حالة وعي جسدي وفكري عند رؤية عناصر مختلفة، ويتمكن في نهايته من تجميع الأفكار المختلفة وتكوين الرواية والتجربة كاملة في عقله لفهمها بشكل متكامل، وهذا ما عبرت عنه نظرية “جشتلت” التي اعتمدنا عليها في تطوير فراغات المشروع”.
جولة سردية في متحف Gaza Under Attack
بدورها، أشارت الطالبة براءة راشد إلى أنها وزميلتها لم تطمحا لإنجاز مشروع متحف تقليدي، إنما عملتا لتصميم مشروع يخلق علاقة تفاعلية بين الفراغات والزائرين، للوصول إلى سرد واضح ومفهوم لرواية الحروب المتكررة في غزة.
يقع المشروع في مدينة أريحا، حيث اختارت الطالبتان الموقع باعتباره بوابة فلسطين التي يمر منها معظم الزائرين، وينقسم المتحف الى كتلتين بحسب وصفهما، الكتلة الأولى هي منزل قائم في مخيم عقبة جبر الذي يقع بمحاذاة الشارع الرئيسي، والكتلة الثانية على الطرف الآخر للشارع، ويربطهما نفق يمر من أسفل الشارع ليكون المنزل مدخلًا خفيًا لأنفاق المتحف وبداية سرد الرواية.
ونوهت راشد إلى أن الشارع الرئيسي عولج ليوائم غرض تضخيم صوت السيارات ونقلها إلى داخل النفق، لتتحول إلى أصوات شبيهة بتلك التي تصدر عن الصواريخ، ومن ثم إلى الحديقة المحاصرة التي يراها الزائرون دون منحهم القدرة على الوصول لها، مرورًا بنفق صناديق رسائل أطفال غزة، حتى متاهة الإسمنت الحارة التي تثير في نفس الزائر التخبط ومحاولة الهرب من خطر الموت فيها.
ويصل المسار بعد ذلك إلى حيز شارع المنصورة في غزة، الذي شهد أحداث القصف والأنقاض وارتقاء كثير من الشهداء، ليمر الزائر من أسفل صخور ضخمة ويرى نفسه أسفل الركام، ثم يمر بمقبرة الأرقام، وقد صممت الطالبتان الحيز ليكون نظر الزائر موجهًا إلى السماء، مما سيمكنه من رؤية صور الشهداء المعلقة التي لم تحصل على التكريم بالدفن، كما يحتوي الفراغ على أشجار عطرية ترمز لرائحة أرواح الشهداء.
لاحقا ينتقل الزائر إلى قاعة الواقع الافتراضي التي ترتبط مع أماكن الدمار وأماكن الحياة والأمل في غزة، وفي نهاية التجربة يصل إلى حديقة الشهداء الخارجية التي يغرس فيها قطعة شمعية تشبه أزهار الحنون الحمراء في رمز إلى دماء الشهداء.
وبحسب الطالبتين، يحتوي المتحف أماكن عرض أخرى تتضمن مواضيع مختلفة في القضية الفلسطينية وما يجري في قطاع غزة، وفراغات لإقامة ندوات ومؤتمرات ونشاطات وطنية مختلفة، ويعتبر موقع المشروع قاحلًا تتخلله بعض الكتل البارزة لتمثل بقايا المباني التي أودى بها الدمار الناتج عن الحروب.
منتوج معماري يخاطب العالم: كيف دعمت الجامعة الفكرة؟
ووجهت الطالبتان رسالة لجامعة القدس بالقول “في النهاية لا ننسى فضل دائرة الهندسة المعمارية في جامعة القدس، التي كان لها دورًا مهمًا في صقل أفكارنا للوصول إلى منتوج معماري وفكري وإنساني لمخاطبة العالم بلسان العمارة، وهو ما تعلمناه من جامعة القدس التي تسعى لنشر قضية صادقة للعالم من خلال نشاطاتها المختلفة التي تنافس بها محليًا وعالميًا، ولطالما كان اسم جامعة القدس مرفوعًا بإنجازاتها وإنجازات أساتذتها وطلابها لنزداد فخرًا بكوننا جزءًا من هذه الجامعة”.
عن تميُّز
يذكر أن مسابقة “تميُّز” المعمارية الدولية تهتم بدعم المشاريع الطموحة التي تركز الضوء على التحديات المحلية والعالمية، وتأسست عام 2012 كجائزة محلية انتقلت لتكون جائزة معترف بها دوليًا يأتي ضمن فريق تحكيمها ثلة من الأكاديميين والمهندسين المعماريين المرموقين، من بينهم المهندسة الراحلة زها حديد.