الهيئة الاكاديمية والموظفين

مركز أبو جهاد يعقد الدورة الثانية من مؤتمر- إبداعات انتصرت على القيد

عدد المشاهدات: 220

 تحت رعاية الرئيس محمود عباس والامين العام لجامعة الدول العربية د. نبيل العربي
مركز أبو جهاد يعقد الدورة الثانية من مؤتمر- إبداعات انتصرت على القيد / الحلقة الاولى 

هي ابداعات لم تنتصر فقط على القيد والسجان بل انتصرت ايضا لحرية الانسان ولمبادئ الحق والعدل ، انتصرت على العذاب والالم والمعاناة فحولت جحيم السجون والمعتقلات الى قلاع صمود تحمي الاسير الفلسطيني  وجوداً وارادة وهوية، والى بؤر ابداع فكري وفني، ادبا ورسما وشعراً ومشغولات واعمال فنية، وفكراً مقاوما يستمد اطروحاته ونظرياته من خصوصية التجربة الفلسطينية بكل تفاصيلها، ومن خصوصية الصراع وشراسة الاستهداف المعنوي والمادي، فكان الابداع فريداً ينسجم وقامات اولئك القابضين على الجمر الذين سطروا تاريخ شعبنا بأحرف من نور امام العالم اجمع رغم كل ادعاءات الاحتلال ومحاولاته تقزيم وتشويه بطولات مقاتلي الحرية.
واليوم، وفي الوقت الذي يواصل فيه مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس دوره الرائد في توثيق وجمع تراث الحركة الاسيرة وتسليط الضوء على معانيات الاسرى وصمودهم وابداعاتهم ومواكبة اوضاعهم والتحرك من اجل نصرتهم عبر سلسلة من الفعاليات والانشطة ، فقد عقد المركز قبل ايام الدورة الثانية من مؤتمره السنوي »ابداعات انتصرت على القيد« ليلقي مزيداً من الضوء على اوضاع الحركة الاسيرة  وتجاربها ولينضم هذا الجهد الى كل الجهود الرامية  الى اطلاق سراح الاسرى.
وضمن هذا السياق قال الدكتور فهد ابو الحاج مدير عام مركز ابو جهاد في تصريحات خاصة لجريدة القدس ان قضية الاسرى واطلاق سراحهم وتخفيف معاناتهم وعائلاتهم يبقى الهم الاول والاكثر الحاحا على اجندة العمل الوطني وعلى اجندة مركز ابو جهاد مطالبا كافة الجهات المحلية والاقليمية  والدولية بالتحرك من اجل نصرة الاسرى والعمل على اطلاق سراحهم.

وسط حضور شعبي ورسمي ودبلوماسي عربي لافت،وحضور من قبل الأسرى المحررين وعائلاتهم ،ووسائل الاعلام المحلية والعربية والعبرية،أفتتح مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس الدورة الثانية من مؤتمره السنوي ( إبداعات انتصرت على القيد ) في قاعات الهلال الاحمر الفلسطيني في البيرة المخصص لالقاء المزيد من الضوء على ابداعات الحركة الاسيرة والذي يعقده مركز ابو جهاد في هذا الوقت من كل عام.
رسالة المؤتمر
يتطلع المؤتمر إلى رفد حركة البحث العلمي والتمحيص في اهم المحطات من تاريخ وحاضر الحركة الوطنية الأسيرة،وهو المسعى الذي أطلقه مركز أبو جهاد منذ سبعة عشر عاماً،وإستكمال عملية جمع أطراف وتفاصيل الإرث الحضاري للأسرى الفلسطينيين الفكري والثقافي والأدبي والفني،وصيانته وتحديثه،ومنعه من الضمور والإضمحلال.
رؤية المؤتمر.
إلى ذلك فأن المؤتمر يرى بهذا التجمع النوعي المكون من عناوين إعتقالية هامة تحتفظ بالمقاطع السردية الرئيسة لمسيرة الحركة الأسيرة،وكفاءات علمية متخصصة،فرصة نادرة لتطوير النص العلمي والأكاديمي الخاص برواية الأسرى والعمل على إنتاجه كمادة علمية أكاديمية تصلح للتدريس في المدارس والجامعات الفلسطينية،وترجمته إلى لغات أخرى،والعمل على جعله مادة ثقافية سهلة التناول بين يدي شعوب الأرض كافة.
 ومن اهم أهداف المؤتمر.
الحفاظ على مستوى عال من أشكال التواصل بين الأسرى المحررين أنفسهم،وتحويل المؤتمر إلى ملتقى علمي يلبي إحتياجات العصر من معطيات المعرفة المتعلقة بمجال بحثه ، اضافة الى إنتاج الرقم والمعلومة الصحيحتان،واللتان تصلحان للتداول العلمي السليم والموثوق،وتوسيع نطاق البحث عن كل ما له صلة بتاريخ وماضي الحركة الوطنية الأسيرة .
الإفتتاح … د. حسن عبدالله

وقد أفتتح المؤتمر بكلمات د. حسن عبدالله والذي تولى عرافة المؤتمر ،حيث قدم للحضور شرحاً موجزاً عن فكرة المؤتمر،الذي يعقد للمرة الثانية في نفس الشهر من العام الماضي،حيث عُقدت دورته الأولى في حزيران 2011م،لافتاً إنتباه الحضور إلى إمكانية حصولهم على نسخاً من كتاب ( إبداعات انتصرت على القيد ) والذي يلخص وقائع وتوصيات الدورة الأولى من نفس المؤتمر،وقد اشتمل المؤتمر على ثلاثة محاور ،بالاضافة الى الجلسة الافتتاحية ،والتي تحدث فيها كل من الدكتور فهد ابو الحاج مدير عام مركز ابو جهاد ، ووزير شؤون الاسرى عيسى قراقع والذي القى كلمة بالانيابة عن سيادة الرئيس ، والدكتور نبيل العربي امين عام جامعة الدول العربية القاها بالنيابة عنه المهندس عدنان سمارة ، وكلمة الاخ امين شومان رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الاسرى .
د . فهد ابو الحاج : عام 2012 هو عام الأسرى بامتياز
وفي كلمته الترحيبية شكر د. ابو الحاج باسمه وبأسم الأستاذ الدكتور سري نسيبة رئيس جامعة القدس وكافة العاملين فيها  ، كل من سيادة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين،ومعالي الدكتور نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية، ووزير شؤون الأسرى والمحررين الأخ عيسى قراقع،وسعادة سفير المملكة المغربية الشقيقه الأستاذ محمد الحمزاوي ، وكافة الحضور مع حفظ الألقاب والأسماء ،على اهتمامهم وحضورهم .
ولفت الى اهمية هذا العام حيث قال إن عام 2012 هو عام الأسرى بامتياز، فقد شهد إضرابات مفتوحة عن الطعام جماعية وفردية،أعادت للحركة الأسيرة إعتبارها،وأكدت لمن ظنوا إن زمن النضالات والبطولات قد ولى، إن من يقبضون على الجمر قادرون باستمرار على قلب المعادلة، أي تجليسها على قدميها،بعد أن حاول الاحتلال أن يجعلها تقف على رأسها،والوقوف على القدمين بالنسبة إلى الحركة الأسيرة، يعني إعادة الأمور إلى سياقها الطبيعي، أي وقوف الأسير في مواجهة السجان،قويا،شامخاً،مسلحاً بالإرادة،ومستنداً إلى تاريخ الحركة الأسيرة الطويل والحافل بالنضالات والانجازات والمآثر.
واضاف ان مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس  يعقد المؤتمر الثاني من سلسلة "إبداعات انتصرت على القيد" لكي يقرأ اليوم بمنهجية الإضرابات المفتوحة عن الطعام،ويمحصها ويستخلص منها ما يمكن إستخلاصه،ليس في نطاق تجربة الأسرى فحسب،وإنما على مستوى التجربة الفلسطينية بشكل عام، فما حققه وأنجزه الأسرى بتضحياتهم الجسام هذا العام،ينبغي أن يشكل درسا قابلاً للتعميم،والمقصود ليس الإضراب عن الطعام بحد ذاته، وإنما في كيفية اتخاذ المواقف والصمود حتى النهاية، أي حتى تحقيق الهدف.
وان أسرانا سجلوا في إضراباتهم عن الطعام أرقاما قياسية لم يصل أليها أي أسير مضرب على مستوى العالم من قبل، فاستحقوا الاحتفاء بهم على مستوى شعبهم، بل وعلى مستوى شعوب العالم،لأنهم باختصار شديد رفضوا المساومة على كرامتهم،ورفضوا الرضوخ لإملاءات وإجراءات الاحتلال التي تخترق القانون الدولي والاتفاقات والمعاهدات الدولية، لاسيما اتفاقية جنيف الرابعة لذلك نسعى من خلال هذا المؤتمر،الذي شرفنا سيادة الرئيس محمود عباس برعايته والأمانة العامة لجامعة الدول العربية،إلى دراسة التجربة من جميع جوانبها، من خلال إخضاعها للمعايير العلمية التي تنطبق على أوراق العمل،إلى جانب الاستماع إلى شهادات شخصية، لبعض من خاضوا تجربة الإضراب وابهروا العالم بصمودهم وتحديهم، من أجل تجميع ذلك في كتاب خاص وتوثيقه وتعميمه على الدارسين والباحثين والمهتمين ومراكز البحث محليا وعربيا وعالميا، بغية فتح هذه التجربة للقراءة والتدقيق والاستقراء، وحتى لا تظل محصورة في أذهان أصحابها، بخاصة وان التوثيق من القضايا المهمة التي تتطلب اهتماما ممنهجا من قبل الجامعات ومراكز البحث، بحيث نضمن حفظ وتدوين تجاربنا وحمايتها من الطمس والضياع. ولأن قضية الأسرى لها بعدها العربي، فإننا سنستمع خلال هذا المؤتمر لسيادة الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، وحديث الأمين العام، يؤكد الاهتمام العربي الرسمي والشعبي على حد سواء بقضية الأسرى، التي هي بحق قضية ضميرية من الدرجة الأولى.
وتطرق الى الدور الريادي الذي تلعبه جامعة القدس ،حيث قال إننا في مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس نحظى بدعم وإسناد كاملين من قبل جامعة القدس وإدارتها ورئيسها الدكتور سري نسيبة، ولم نصل إلى هذا المستوى من البحث والتأريخ والتدوين، إلا من خلال قناعة إدارة الجامعة، بأهمية هذه القضية، ومركزيتها، لاسيما ونحن نتحدث عن 800 ألف فلسطيني تجرعوا مرارة الاعتقال منذ العام 67 حتى الآن، وهذه النسبة الأعلى مقارنة بحركات التحرر الوطني العالمي.
واشار الى ان معركة الأمعاء الخاوية قد فعلت فعلها، وجعلت الاحتلال يراجع حساباته، وان لدى الفلسطينيين إمكانات أخرى كثيرة، يمكن توظيفها في خدمة القضية، لكن ذلك يحتاج إلى إستراتيجية واضحة، والى وحدة حقيقية على الأرض تنهي الانقسام البغيض إلى الأبد، حيث لا انجازات ولا انتصارات في ظل الصراع الداخلي والتشرذم والتناحر، وعلينا الاستفادة من تجربة الأسرى الوحدوية التي أبدعت وثيقة الأسرى "وثيقة الوحدة الوطنية"، التي عكست حسا وطنيا مرهفا وإرادة وحدوية نعتز بها.
وختم د. ابو الحاج  بتحية اكبار واجلال لنضالات الحركة الأسيرة ونضالات شعبنا الفلسطيني بشكل عام،وتحية المجد والخلود لشهداء الحركة الأسيرة وشهداء ثورتنا الفلسطينية في كل مكان وتمنى النجاح والتوفيق في جلسات المؤتمر .

د. نبيل العربي :  الاسرى ضربوا مثلا رائعا في الاصرار على الدفاع عن عدالة الحقوق 
اما الدكتور نبيل العربي فقد وجه خالص التحية،للجهات القائمة وللحضور في إفتتاح أعمال مؤتمر السنوي الخاص بالأسرى والأسيرات الفلسطينيين،ولنصرة ودعم الحركة الأسيرة في سجون الإحتلال الإسرائيلي،ووجه تحية تقدير من خلال المؤتمر للشعب الفلسطيني الصامد المناضل،وللأسرى والأسيرات الذين يناضلون نضالاً بطولياً ومشرفاً من أجل حرية وطنهم وصون مقدساتنا الإسلامية والمسيحية،ويتسلحون بعزيمة وثبات لإستعادة الحقوق المشروعة التي سلبها الإحتلال الإسرائيلي،وتحقيق الأهداف النبيلة للشعب الفلسطيني في الحفاظ على كرامته الإنسانية وحقه في تقرير مصيره أسوة بباقي شعوب العالم، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
ولفت د . العربي الى ان الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الإحتلال الإسرائيلي ،قد ضربوا مثلاً رائعاً في إصرار الإنسان في الدفاع عن عدالة حقوقه والحفاظ على كرامته الإنسانية في وجه الإحتلال الإسرائيلي وتعصبه وعنصريته،دون أن تضعف أو تكسر لهم إرادة،رغم وحشية وتنّوع أساليب التعذيب التي لم ير العالم لها مثيلاً حتى في أعتى سجون العنصرية والفاشية،من إذلال وقهر وتعذيب وتجويع وحرمان من العلاج ونقص الأدوية،وفيهم الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى،وهم رغم كل ذلك لم تنحنِ لهم قامة ولم تضعف لهم إرادة وواصلوا في إصرار نضالاً وصموداً نال تقدير وإحترام العالم أجمع،وأطلقوا صيحتهم الجديدة رجالاً ونساء من خلال معركة الأمعاء الخاوية وإضرابهم عن الطعام الذي تكرر عشرات المرات ولمدد طويلة في بعضها،في إضراب لم يعرف له العالم مثيلاً ، كما قدم هؤلاء الأبطال الأسرى نموذجاً للوحدة الوطنية في وثائق عديدة لرأب الصدع وتحقيق وحدة الصف والحفاظ على ثوابت القضية الفلسطينية وهو الأمر الذي تقدره جامعة الدول العربية وكافة شعوبنا العربية والأحرار والشرفاء في أنحاء العالم.
واضاف إن جامعة الدول العربية كانت ولا تزال في طليعة المؤسسات العربية والإقليمية والدولية التي ساندت قضية الأسرى الفلسطينيين والعرب منذ البداية ونقلت هذه القضية الهامة إلى المحافل الدولية،وكشفت قسوة الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في حقهم،والإنتهاك الإسرائيلي للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وإتفاقيات جنيف وقرارات الشرعية الدولية،كما تتابع بدقة وإهتمام بالغين قضيتهم العادلة في كافة المحافل .
مؤكدا بالوقت عينه أن جامعة الدول العربية ستبقى على العهد مع الاخوات و الإخوة الأبطال من الأسرى والأسيرات،ولن تأل جهداً في دعمهم في قضيتهم العادلة حتى ينالون حريتهم ويتحقق قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس،وإندحار الإحتلال الإسرائيلي عن كافة الأراضي العربية المحتلة.
وختم بتوجيه التحية للاسيرات والاسرى وبالمجد والخلود لأرواح الشهداء الأبرار وتحية إلى أسرهم وأطفالهم في معركة الصمود والبطولة والحرية والإستقلال .
الوزير قراقع … كلمة الرئيس
بدأ الوزير عيسى قراقع كلمته نيابة عن الرئيس محمود عباس بتحية كافة الأسرى والأسيرات داخل سجون الإحتلال،مؤكدا بأن حرية الإنسان لا توازيها في الأهمية أية حاجة أخرى من إحتياجات الإنسان الفطرية،وهو الأمر الذي أكد عليه أسرانا وهم في داخل الأسر الإسرائيلي،وأثبتوا من خلال هذا الكم النوعي المثير من الإبداعات بأنهم أحرار وهم قيد الإعتقال فكسروا الأغلال وأتحفونا وأتحفوا الإنسانية بإبداعات قل نظيرها على مدار التاريخ، فالكتابة والإبداع لا يتقنه إلا حُر ولا يتقنه إلا كل منطلق من داخله إلى خارجه بكل ما أوتي من قوة نحو هدفه العنيد في طلب الحرية،فكان هذا الإبداع أول بشائر النصر،نصر المقيد بالحديد على مُقيدهِ وسجانه،فكم سمعنا وكم افتخرنا سابقاً وحالياً ومستقبلاً سنبقى كذلك بإبداعات الأسرى والأسيرات.
وبهذه المناسبة إخوتي وأخواتي أود أسرد على مسامعكم،هذا الحوار الهام الذي كتبته الأسيرة المحررة والمبدعة عائشة عودة في روايتها ( ثمناً للشمس ) وهو عبارة عن حوار بين سجانة إسرائيلية وإحدى الأسيرات الفلسطينيات،وذلك عشية بدء الهجوم العربي على إسرائيل في أكتوبر من العام 1973م.
حيث تقول الحارسة الإسرائيلية للأسيرة الفلسطينية،في هذا المساء سيصل الجنود العرب لإخراجكن من هذا السجن،أرجوا أن تخبروهم بأنني كنت لطيفة معكن.
أليس كذلك ؟ تسأل السجانة الإسرائيلية الأسيرة الفلسطينية.
وتتابع السجانة الإسرائيلية قائلة،ولربما إنكن ستستلمن أقفال ومفاتيح هذا السجن بدلاً منا !! أليس كذلك ؟ ما أطلبه منكن أن تُحسن مُعاملتي فأنا لم أسيىء لأي واحدة منكن أبداً.  أنتهى الحديث.
وتابع قراقع بالقول لقد أشار هذا الحديث المثخن بالمعاني والدلالات على قوة الأسير والأسيرة الفلسطينيان القابعان داخل سجون الإحتلال،وبكل تأكيد لو قدر لتلك الأسيرات أن يأسرن تلك السجانة فلن يعاملنها إلا بما تمليه عليهن أخلاق وقيم وعادات شعبنا،لقد ثبت للعالم أجمع بأن أسيرنا ليس وحشاً قاتلاً،ولا محباً لسفك الدماء مثلما تحاول إسرائيل تصويره وتقديمه للعالم،بدليل صدور تلك القرارات الأممية الكثيرة التي طالبت وتطالب بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين سواء الإداريين منهم أو القدامى أو المرضى أو الأطفال،وبهذه المناسبة فأنني أشكر مركز أبو جهاد من جديد على هذا الجهد الخلاق في تعميم وتعميق الوعي المحلي والعالمي بملف الأسرى،كما وأنني أشكر وزارة الثقافة على تكرمها بإصدار ثلاث أعمال إبداعية سنوياً من إبداعات الأسرى والأسيرات،وصولاً إلى إماطة اللثام الحاجب لإبداعات الأسرى.
أملين أن تتكلل المسيرة الجماعية في خدمة هذا الجانب بالنجاح والتوفيق،وإخراج إبداع الأسرى الفكري والثقافي من الظل إلى النور،حتى يصبح بإمكاننا تدريس تجربة الأسرى في المناهج التعليمية في المدارس،وإقرارها ضمن المساقات الدراسية في الجامعات الوطنية .

كلمة أمين شومان …
وقال أمين شومان مخاطباً الحضور " أسمحوا لي أن أقف أمامكم في هذه الدورة من مؤتمر ( إبداعات انتصرت على القيد ) لأتحدث عن مسيرة الإبداع لأسرانا داخل سجون الإحتلال،منذ إعتقال أول أسير فلسطيني وهو الأسير محمود بكر حجازي والذي يتواجد بيننا ألان، ولغاية هذه اللحظة، لنسلط الضوء عليها،وهي التي تنوعت لتشمل الشعر والنثر والقصة القصيرة والأعمال الفكرية العميقة،وقد واصل قسم كبير من الأسرى تعليمهم الثانوي والجامعي داخل الأسر فحصل قسم منهم على الشهادات العليا كالبكالوريوس والماجستير والدكتوراه .
واضاف بالقول أنه وخلال العام المنصرم،وبعد إنعقاد مؤتمر إبداعات انتصرت على القيد الأول خاض أسرانا معارك نضالية شرسة ضد المحتل الإسرائيلي،وأنتصروا عليه في جميعها،سواء كانت معارك فردية كالتي خاضها الأسيران ( خضر عدنان وثائر حلاحلة) واللذان يتواجدان بيننا الآن،فلنحي معا هذان البطلان اللذان كسرا قيد الأسر وحققا الحرية لنفسيهما،ورسخا معاً قيمة النضال،وأكدا على حتمية أن النصر حليف الأسرى لا محالا لأنهم على حق، وبعدهما خاض هذا المعترك عشرات الأسرى كالأسيرة هناء الشلبي ومحمود السرسك ومحمد التاج وحسن الصفدي وسامر البرق وجعفر عز الدين وكفاح حطاب،أو كانت معارك جماعية منظمة كالتي خاضها الأسرى معا في السابع عشر من نيسان 2012م،وكسروا في نهايتها أقفال زنازين العزل،هذا وغيره كان وسيبقى أحد تجليات الإبداع الإنساني للأسرى أيضاً الذين بحثوا عن طريقة مناسبة لإستخدامها في نيل حقوقهم من قبضة الجلاد فلم يجدوا سبيلاً إلى ذلك سوى لقمة الأكل،فتخلوا عنها عندما تأكدوا بإن هذا المسار سيؤمن لهم الكرامة.
وختم انه وبمناسبة انعقاد المؤتمر فانه من الوجاب علينا إن نحيي الأسرى القدامى والمرضى والأسيرات والأسرى الأطفال.

المحور الأول للمؤتمر …. "نضال الحركة الأسيرة "
وكان المحور الاول للمؤتمر بعنوان ( نضال الحركة الأسيرة ) وتولى إدارته  د. عيسى أبو زهيرة،وتحدث فيها كل من السيد نبيل عمرو،عضو المجلس الوطني الفلسطيني الذي قدم للحضور وصفاً سياسياً موسعاً ودقيقاً للحالة الفلسطينية الراهنة،مشدداً على أنه بدون حل المعضلة الأساسية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني كله وهي الإنقسام فلا أمل في معالجة جدية لملف الأسرى،معبراً عن عدم رضاه عن الطريقة التي تدار بها المصالحة الفلسطينية،الأمر الذي يترك أثاراً في منتهى السلبية على القضية الفلسطينية مستقبلاً.
مداخلات الجراعي وعبده وعدنان
كما قدم الأستاذ راضي الجراعي المحاضر في جامعة القدس،في هذه الجلسة ورقة بحثية بعنوان ( السياق التاريخي لنضال الحركة الوطنية الأسيرة ) والتي أستعرض فيها مسيرة الإضرابات السابقة للأسرى والإنجازات التي حققوها،حيث قال " مما لاشك فيه إن ظاهرة الحركة الأسيرة في السجون الإسرائيلية جاءت كنتيجة للكفاح الوطني الفلسطيني،من أجل نيل الحرية والإستقلال،ولذلك فأنه يمكننا أن نطلق على المناضلين الفلسطينيين في الأسر الصهيوني مقاتلون من أجل الحرية،رغم إن العدو يحاول أن يصفهم بصفات ونعوت إجرامية شتى كمخربين وإرهابين ومقاتلين غير شرعيين ..الخ من هذه الأوصاف والمسميات.
وبسبب ذلك تمكن هؤلاء الأسرى من بناء نظامهم الخاص داخل سجون الإحتلال،وأرسوا في داخلها دعائم الكيانات المستقلة، القادرة على خدمة أفرادها على النحو الأمثل،وبسبب ذلك أيضاً نجح الأسرى في كافة معاركهم وحققوا إنجازاتهم العظيمة التي خففت من وطأة السر والعذاب وفي مقدمة هذه الإنجازات،إستعادة الأسرى لإنسانيتهم،وبناء هيكلية تنظيمية متينة تقوم على  رعاية شؤونهم،وإستعادة كرامتهم بوقف سياسة تشغيلهم لصالح الإحتلال.
كما وتحدث في هذه الجلسة الأسير المحرر خضر عدنان،والذي تحدث عن تجربته في الإضراب عن الطعام التي خاضها لمدة 66 يوماً وتحقيق مطلبه بالحرية والإفراج عنه،مبيناً أن الإستمرارية في الإضراب ووضوح الهدف يؤثر إيجابا في فضح انتهاكات الاحتلال.
وأستعرض عدنان بعضا من ممارسات السجانين خلال إضرابه كالإستمرار في التحقيق معه وبشكل جماعي في أول أسبوعين من الإضراب،وإستخدام ذويه وأهله للضغط عليه من أجل تعليق إضرابه،وتسجيل كل تصرفاته حتى تنقله داخل الزنزانة.
وأوضح خضر أنه واجه هذه التحديات بإستخدام الصمت،والامتناع عن إجراء الفحوصات الطبية بهدف تقليص الرصيد المعلوماتي عن صحته لدى سجانيه رغم نقله للمستشفيات،ولفت عدنان الإنتباه إلى محاولات إسرائيل التنصل من التزامها للأسرى بعد شروعهم مؤخراً في الإضراب عن الطعام،مشدداً على ضرورة كتابة أي إتفاق مع الإحتلال بكل تفاصيله وتوثيقه بحضور دولي وحقوقي.
كما قدم الأسير المحرر الأستاذ  لؤي عبده ورقة بحثية بعنوان ( المحطات البارزة في الإضراب عن الطعام ) .
حيث قال " في البداية أود أن أؤكد لكم بأن السجون الإسرائيلية كأداة عقاب فردية وجماعية في الفكر السياسي الإسرائيلي،وجدت كبديل لأعواد المشانق،أي إنها مصممةً لإلحاق أكبر قدر مُمكن من العقاب القاسي والمميت على جسد وروح الأسير،وطالما إن هذا الأسير ما زال حياً فلنا أن نقدر حجم وشكل العذاب المميت الواقع على جسده الحي،فهو إذاً عذاب قاسي وفظ وبالغ الضرر،وأشد قسوة من الموت بحد ذاته،لأن إماتة الإنسان أو قتلة عملية بيولوجية تنتهي بعد خروج الروح من جسد حاملها،وطالما إن ذلك لم يحدث بسبب التعذيب فإن المُعذب يكون قد حصل على الموت بطريقتين أو أكثر،ومطلوب منه يتعايش مع عذاب دائم ومقيم حوله ومحيطاً به من الجهات الأربعة وعلى مدار الساعة.
بسبب ذلك كان قرار الأسرى بالمواجة،قراراً إستراتيجياً ونهائي وهو يشبه إلى حد ما قرار ( إنتحاري لطلب النجاة ) لأن لا خيارات أمامهم سوى الموت بمزاج السجانين،وبتقديري أيضاً أن جدية وفولاذية الإرادة التي نفذت هذا القرار،مارست من حيث علمت بذلك من قبل أم لم تعلم أفضل طرق النضال سلمية وقسوة في آن،لأن للأمعاء الخاوية كان لها قوة السياط وهي تهوى على جسد عاري،وصراخ الصامتين في مدافن الأحياء كان له رجع صدى مدوي في أنحاء الأرض،لقد وفرت هذه الوسيلة البسيطة والقوية فرصة فعلية للنجاة من قهر السجان،ومنحت الأسرى فرصة للخلاص وهم في داخل الأسر،مما وفر فرصة وإمكانية مثالية للبناء على نتائج المرحلة الأولى من كفاح الأسرى في بيت ليد 1968م، وعسقلان في بداية العام 1969م .
الأمر الذي حسن من قدرات الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني داخل الأسر للإستعداد للجولات القادمة ،فتحول إضراب الأسرى عن الطعام إلى مادة ثقافية قابلة للتداول على نحو واسع النطاق داخل السجون،ورفدت مديرية السجون سجونها بأدوات وخبرات بشرية ولوجستية جديدة على أمل أن تتمكن من كسر إرادة الأسرى،وثبت لاحقاً وعلى مدار سنين المواجهة الدائرة في ساحات السجون بان إدارة السجون فشلت وستفشل في كل معاركها ضد الأسرى.
بسبب ذلك أرى بأنه لو قدر لموشيه ديان الخروج من قبره  ورأى حالة السجون،التي أصبحت عليها اليوم،وما قدمته للشعب الفلسطيني،لأمر بإغلاقها فوراً،لأنها لم تتمكن من تحقيق الهدف الذي وجدت من أجله إستراتيجياً،كبديل لأعواد المشانق،وهراوة لتحطيم المقاومة الوطنية،وقهر وإخضاع الإنسان الفلسطيني،فأضحى السجن مشكلاً ومكوناً لأهم نقطة تحول في حياة أكثر من مليون فلسطيني وفلسطينية دخلوا تلك السجون منذ العام 1967م،ولغاية الآن،مثلماً كان نقطة تحول في حياة العديد من القادة والمفكرين والفلاسفة كفولتير ومانديلا ونهرو وغيرهم ،وقد أصبح لنضال الحركة الوطنية الاسيرة  خصائص هامة يمكن إيجازها بالتالي :-
1- سواد القيم المعززة لروح العمل الجماعي،كنبذ الذاتية والأنانية،وقد ساهم بروز التنظيم كمبرمج يومي للحياة داخل الأسر في تعزيز وتطوير هذه القيمة الهامة.
2- تعمق الوعي الفردي والجماعي داخل الأسر بطبيعة الصراع مع المحتل الإسرائيلي،والإلمام بأبعاده التاريخية والحضارية.
3- تجذر مفهوم العمل الوطني ( الوحدة الوطنية ) ونشأ من أجل ذلك هيئات ومؤسسات دائمة كهيئة العمل الفصائلي،ولجان العمل الوطني وغيره .
4- تطور الوعي والمعرفة الأمنيتان لدى الأسرى،ونشأ من أجل هذه الغاية أجهزة أمنية،ساعدت في إفشال مخططات أجهزة إستخبارات الإسرائيليين في تفتيت جبهة الأسرى وإختراقها وإفراغها من محتواها الوطني.
5- تعزيز قيمة النضال الإعتقالي الموحد ( الإضراب عن الطعام ) ضد إدارة السجون كوسيلة مثالية لإنتزاع  مطالب الأسرى .
كلمة الأسير المحرر حافظ  أبو عبايه
كما قدم الاسير المحرر حافظ ابو عباية ورقة بحثية بعنوان ( دور الإضراب عن الطعام في تطوير الوضع المعيشي والتنظيمي للمعتقلين ) والتي وصف فيها الأسرى بأنهم كانوا عبارة عن جيش بكامل انضباطه وإستعداده لمواجهة إدارات السجون المختلفة،وذلك لم يأتي من الفراغ إطلاقاً بل أتى كمحصلة للعديد من الأعمال العشوائية والفاشلة وغير المنظمة التي أتبعها الأسرى في بداية الإعتقال 1967- 1969م ،وهي مرحلة البدايات،وكان أولى الخطوات الجماعية المنظمة ضد إدارة السجون، تنفيذ الأسرى لإضراب جماعي منظم في سجن كفار يونا في العام 1969م،وأستمر لمدة تسعة أيام،ولم يحقق ذاك الإضراب اهدافة بسبب غياب العديد من شروط النجاح المعروفة،لكنه نجح في أمر هام وهو إن الأسرى خاضوه معاً وانهوه معا،وهذا بحد ذاته أمراً هاماً .
وفي عسقلان كانت التجربة الثانية من الإضرابات الموحدة،وكان في يوم  5/تموز/1970م ،كرد موحد ومنظم على سواد وتعسف حالة القمع الدامية التي كانت متبعة ضد الأسرى في عسقلان،وقد تمت الاستفادة هنا من أخطاء تجربة بيت ليد فتم وضع الخطط المسبقة والحد الأدنى والأعلى للمطالب،وقد كان لسقوط الشهيد الأول في مسيرة الحركة الأسيرة عبد القادر أبو الفحم أثناء هذا الإضراب أثرا في تصليب عود الحركة الأسيرة وتعميدها بالدم والكبرياء،فهزمنا سياسية تقطيع الأوصال التي كانت منتهجة داخل السجن من قبل إدارة السجن ،وسقط سيف الخوف المسلط على الرقاب،ووضعنا حد لسياسة الإستقبال الهمجية التي كانت تتبعها الإدارة في إستقبال الأسرى الجدد،وسقطت من عيوننا تعابير الخوف والهلع التي تمكنت إدارة السجن من تثبيتها على وجوهنا خلال السنوات الثلاث الماضية،وتوقفنا عن مناداة السجان بكلمة سيدي والتي كانت احد شروط التعامل بين الأسرى والسجانين.
لقد مهدت هذا الإضراب طريق النصر والنجاح لغالبية خطوات الحركة الوطنية الأسيرة تقريباً،من إضراب بئر السبع عام 1976م إلى إضراب نفحة 1980م إلى إضراب جنيد 1984م،لقد أثبتت نضالات سجون الرملة وبيت ليد وعسقلان والسبع ونفحة  وجنيد جدارتها في إنتزاع الحق من الأيدي التي إستلبته،وقد خِرجت هذه السجون إلى الأرض المحتلة قادة ومناضلون من الطراز الأول،فاليوم نرى بكل فخر من هؤلاء الأسرى قادة كبار في صفوف السلطة ومؤسسات المجتمع الأهلي،وسفراء وكتاب وشعراء،لقد أغنت وأمدت السجون المجتمع الفلسطيني بعناصر شريحة هامة كان بأمس الحاجة لها وهي شريحة المناضلون المثقفون المنحازون لهموم وقضايا شعبهم وأمتهم .
جلسة المحور الثاني.
المحامية بثينة دقماق
وكان المحور الثاني للمؤتمر بعنوان ( الإضراب المفتوح ومقتضيات النجاح ) وأدار هذه الجلسة الأستاذ راضي الجراعي،وتحدث فيها المحامية بثينه دقماق رئيسة مؤسسة مانديلا عن ( دور المحامين  في دعم نضال وصمود الأسرى خلال الإضراب )، وقالت " بأن دور المحامي في مساندة الأسير يبدأ من اللحظة الأولى لإعتقاله،ومعرفة مكان وجوده وبأي مركز تحقيق أو توقيف يتواجد للمسارعة إلى طمأنة ذويه عليه،ثم مقابلته بعد إنتهاء التحقيق وخلال فترة التوقيف وأثناء جلسات المحاكمة وخلال هذه الفترة التي من الممكن أن تمتد لسنوات يقوم المحامي بنقل رسائل الأسير إلى ذويه ومن ذويه أليه،بأمانة ومهنية عالية،ورويداً رويدا يشعر المحامي بأنه أصبح ملماً بكامل تفاصيل أوجاع وآلام هذا الأسير أو الأسيرة،وفي حالات الأسرى الممنوعون من الزيارة والمعزولون يصبح المحامي وسيلة الإتصال الوحيدة بين الأسير وعالمه الخارجي،وقد يستمر هذا الوضع لسنوات طويلة أيضاً.
ولعل هذا الدور يدخل في أصعب مراحله عندما يقرر الأسرى القيام بأية خطوات نضالية، فتقوم إدارة السجن بالتشديد على السماح للمحامون بالدخول إلى السجون خشية من نقل رسائل وبلاغات الأسرى للعالم،وأذكر أنني وفي غير مرة إنتظرت أمام السجون لساعات طويلة ربط فيها الليل بالنهار من أجل مقابلة أحد الأسرى،وأمام أحد السجون ذات يوم، نمت ليلتي في سيارتي حتى سمحت لي إدارة السجن بمقابلة أحد الأسرى الذين طلبت مقابلتهم،لإبلاغه بوفاة والده وهو الأسير علاء البازيان .
وأنا أرى بأن هذا الدور المرهق والشاق في كثير من حالاته،أصبح جزءً من الواجب الذي نقوم به بمزيد من الرضى والقبول،لأن الأسرى والأسيرات يستحقون هذا وغيره من أشكال الوفاء منا لأنه دوراً بسيطاً بالمقارنة مع ما قدمه الأسرى والأسيرات لأبناء شعبهم،وأنتهى بهم الأمر إلى تخليهم الكامل عن حياتهم لصالح أمتهم،ولربما كان هذا الدور أصغر بكثير أيضاً أمام معاناة الأسرى المرضى والمعزولين والقدامى وكبار السن والأسيرات.
كلمة وزير العدل علي مهنا
وفي هذه الجلسة تحدث أيضاً الأسير الأستاذ علي مهنا وزير العدل في الحكومة الفلسطينية،عن تجربته الشخصية في تحديد ( عوامل نجاح وفشل الإضراب عن الطعام ) حيث قال " ما زلت أتذكر ذاك الإضراب البطولي الناجح الذي خاضه أسرى سجن بئر السبع في العام 1980م،وهو الذي بدء في الزمان والمكان المناسبين،وهما من أهم عوامل نجاح أو فشل أي خطوة نضالية سواء كانت إضراب عن الطعام أو امتناع عن الزيارة أو غيرهما.
بعد دخول أسرى سجن نفحة لإضرابهم الشهير في 14/تموز/1980م، التحق بهم أسرى سجن بئر السبع كغيره من السجون،بعد مرور عشرة أيام على بدء إضراب سجن نفحة أي في 24 من نفس الشهر، وطرحت اللجنة الإعتقاليه لسجن بئر السبع مجموعة مطالب خاصة بأحوالهم، ومن بين تلك المطالب أذكر أننا طالبنا بزيادة الوقت المحدد للزيارات،والسماح بإدخال الكتب، وزيادة وقت الفورة،وتحسين نوعية وكمية الأكل، والسماح بإدخال الملابس الداخلية وغيرها من الأهل، السماح بإقتناء جهازي تلفزيون وراديو، وتركيب أسرة للنوم داخل الزنازين والغرف .
وتولى الحوار مع إدارة المعتقل على هذه المطالب لجنة إعتقالية مكونة من ممثل المعتقل الرفيق نضال قبلاني،والأخ فاضل يونس،وغيرهم ،وخلال هذا الإضراب حدث العديد من المواقف المشرفة التي سطرها بعض الأسرى، كإصرار بعضهم وخاصة من الأسرى المرضى على المشاركة في الإضراب على الرغم من صدور قرارات وطنية من الهيئة القيادية للإضراب بإعفائهم من المشاركة فيه، إلا أن رجلاً كأبو صالح زكارنه رحمه الله ، لم يتمكن أي أحد من ثنية عن تنفيذ قراره بالمشاركة بالإضراب وقد تعرض للإغماء في غير مرة خلال أيام الإضراب، ورفض أيضا الخروج إلى عيادة المعتقل لإجراء الفحص اللازم له من قبل ممرضي إدارة السجن.
ومقابل هذه الصورة المشرقة أتذكر صورة أخرى في منتهى الخزي وهي أن مجموعة أخرى من الأسرى أطلقوا على أنفسهم التيار الديني،ورفضوا المشاركة في الإضراب، على قاعدة أنه رمي للنفس في لظى التهلكة، وهذه واحدة من الكبار التي لا يجوز إقترافها بأي حال من الأحوال، وفقا لفتواهم الإنهزامية التي أجازوا لأنفسهم وفقها عدم المشاركة في الإضراب، واستمروا في تناول الطعام طيلة الأربعة عشر يوماً، التي اضرب خلالها كافة أسرى سجن بئر السبع عن الطعام .
وفي اليوم الرابع عشر للإضراب قامت إدارة السجن بإستدعاء ممثل المعتقل ومعه اللجنة الإعتقالية الوطنية وفاوضتهم على مطالبهم، وفي نهاية ذاك الحوار وافقت إدارة السجن ومعها مديرية السجون العامة على غالبية مطالب الأسرى التي قدموها للإدارة في بداية الإضراب ومن الأمور التي تمت الموافقة عليها :-
1- الموافقة على تركيب سرير حديدي داخل الغرف .
2- الموافقة على زيارة الأهل مرتين في الشهر ولمدة ساعة كاملة.
3- الموافقة على زيادة وقت الفورة لتصبح ساعة ونصف .       
4- السماح بإدخال الكتب من خلال الأهل والصليب الأحمر في آن واحد .
5- السماح بإدخال الملابس الداخلية أثناء زيارة الأهل.
وفي مساء نفس اليوم تم الإعلان عن فك الإضراب عن الطعام ،بينما ما زال إضراب سجن نفحة الأسطوري مستمراً ودخل في هذا اليوم 8/آب/1980م، يومه الرابع والعشرون، لقد كان لهذا الإضراب إنعكاسات في منتهى الايجابية على صعيد الداخل الإعتقالي، فقد ساهم في رفع معنويات الأسرى وزيادة ثقتهم بأنفسهم واعتدادهم بإمكانياتهم البسيطة التي تفوقت على آلة القمع الإسرائيلية، و وفر هذا الوضع بيئة مناسبة لتقوية وتصليب الوضع التنظيمي الداخلي وتطوير العلاقات الوطنية وتصليبها بما يليق مع الرسالة التي يحملها كافة الأسرى، وعاش الأسرى في سجن بئر السبع بهذه المستوى حتى مشارف العام 1982م .
مداخلات مراد جاد الله وحلمي الاعرج
وفي هذه الجلسة تحدث الأستاذ مراد جاد الله من مؤسسة الضمير عن " دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم الإضراب عن الطعام " حيث قال بان المؤسسات الوطنية مطالبة بدور أفضل وأعمق مما هي عليه أدوارها حالياً،وان نقدي للدور الرسمي الفلسطيني تجاه ملف الأسرى يتجاوز دور هذه المؤسسة أو تلك من مؤسسات السلطة ليصل إلى جذر الأساس المكون للسلطة الوطنية وهو اتفاق أوسلو الذي تجاهل ملف الأسرى بشكل تام،وبعد الانتقادات الكثيرة التي وصلت إلى القيادة الفلسطينية تم تدارك هذا الأمر في اتفاق القاهرة في أيار 1995م، من خلال نص غامض وفضفاض ولا يتجاوز سطرين اثنين، بالمقابل لو نظرنا في نفس الاتفاقية إلى النص الخاص ببطاقات VIP  لوجدنا صفحتان كاملتان تتحدثان عن هذا الأمر، لذا ما أرجو وأدعو أليه هو دعوة المؤسسة الرسمية والمؤسسات الأهلية لتوحيد وتكثيف العمل من اجل إطلاق سراح الأسرى وفي مقدمته الأسرى القدامى والمرضى .
وفي هذه الجلسة قدم  أيضاً  السيد حلمي الأعرج، مدير مؤسسة الدفاع عن الحريات بورقة  بحثية بعنوان (دور المؤسسات الحقوقية في إسناد إضرابات الأسرى المفتوحة عن الطعام) حيث قال " لقد لعبت المؤسسات الحقوقية والعاملة في مجال الأسرى وعموم المجتمع المدني منذ مطلع التسعينات دوراً هاماً في إسناد قضية الأسرى وتفعيلها على المستوى المحلي والعربي والإقليمي والدولي. فإلى جانب دورها في رصد وتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى، واصل محاموها من خلال الزيارات المستمرة للسجون الإطلاع على ظروفهم وأوضاعهم وعلى التطورات الجارية على الساحة الاعتقالية. ومن خلال علاقاتها العربية والدولية تمكنت هذه المؤسسات من طرح قضيتهم وإيصال صوتهم ورسالتهم ومعاناتهم للعالم وتكللت جهودها بالنجاح في الآونة الأخيرة. وبالتعاون مع وزارة شؤون الأسرى والمحررين قامت بعقد العديد من المؤتمرات الدولية التي كان آخرها المؤتمر المنعقد في 2 نيسان الماضي بمبادرة من الأمم المتحدة والذي تقرر فيه إيفاد لجنة دولية لزيارة السجون والإطلاع عن كثب على أوضاع الأسرى، الأمر الذي يعني أن الحصار الإسرائيلي المضروب على هذه القضية بدأ يتغير وأصبح العالم ومؤسساته الدولية والأممية نسبياً أكثر جرأة ووضوحاً في التعبير عن مواقفهم تجاه معاناة الأسرى وإدانة السياسات الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية بحقهم، دون أن يعني ذلك انحيازها بشكل كامل لصالح هذه القضية العادلة أو بالقدر الذي ينبغي أن تكون عليه هذه المواقف انسجاماً مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التي تدافع عنها وتؤمن بها ومع روح وقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.  ولكن مع استمرار الجهد الجماعي لا بد أن نصل إلى أهدافنا ونتمكن من إقناع المجتمع الدولي وحثه على إدانة السياسة الإسرائيلية بحق الأسرى والضغط على الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ التزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي الإنساني.
وخلال الإضرابات المفتوحة عن الطعام والملاحم البطولية الجماعية والفردية التي سطرها الأسرى منذ 18 أيلول الماضي والمؤسسات الحقوقية تواكب هذه الإضرابات وتعمل على مدار الساعة لإطلاع المؤسسات والمحافل الدولية على حقيقة ما يجري في السجون الإسرائيلية وما يتعرض له الأسرى المضربين عن الطعام من عزل وتنكيل ومصادرات واقتحامات وتفتيشات عارية ومذلة وإهمال طبي وعدم اكتراث بحياتهم خاصة المرضى منهم، وبفعل هذه الجهود والدور الفعال للإعلام الذي تسلح بالمعلومة الصحيحة تضافرت الجهود وتكاملت حتى وصلت بقضية الأسير المحرر خضر عدنان ورفاقه إلى كل بقاع الأرض، الأمر الذي أسهم في خروج المجتمع الدولي عن صمته ومطالبة الحكومة الإسرائيلية تحسين شروط الاعتقال ووضع حد لسياسة الاعتقال الإداري والإفراج عن المعتقلين الإداريين وتقديمهم لمحاكم عادلة.
وللخروج من هذا المأزق الذي وضعت الحكومة الإسرائيلية نفسها به اضطرت للتوصل لاتفاق مع الأسرى برعاية مصرية يتضمن تلبية مطالب الإضراب وفي مقدمتها إنهاء سياسة العزل الانفرادي والسماح لأسرى قطاع غزة بزيارة عائلاتهم.
وحظي الأسرى في خضم هذه الإضرابات باحترام واهتمام دولي غير مسبوق، وأصبحوا في نظر العالم نموذجاً للصمود والتضحية والفداء من أجل الحرية والكرامة الإنسانية، والحقيقة إن هذه الانجازات الكبيرة التي تحققت بالأساس بفعل نضالات الأسرى وتضحياتهم ما هي إلا بداية الطريق الحقيقي نحو ترجمة شعار التدويل الذي أصبح ضرورة ومهمة وطنية ملحة ذات طابع استراتيجي خاص، انجازها لا يتوقف على استمرار الحركة الأسيرة بإضراباتها المفتوحة عن الطعام أو توقفها. فالأسرى قاموا بما ينبغي القيام به وأكثر وأوصلوا رسالتهم السامية بقوة إلى العالم كله. ومهمتنا الأساسية الآن مواكبة هذه التضحيات والنضالات والانتصارات باستكمال الجهد الذي بدأناه في مؤسسات حقوق الإنسان ووزارة شؤون الأسرى ونادي الأسير والسلطة الوطنية الفلسطينية، والبناء على ما تحقق على الصعيد الدولي، والإسراع في بلورة إستراتيجية فلسطينية موحدة تلبي طموحات الأسرى وتطلعاتهم في الحرية وفي رفع المعاناة اليومية عن كاهلهم، وصولاً للاعتراف بهم كأسرى حرب ووضع الحكومة الإسرائيلية في قفص الاتهام وقطع الطريق عليها وللأبد وشل قدرتها على إطلاق حملات التضليل والتشويه لنضالات الأسرى ومكانتهم الوطنية المرموقة، وتقوم على تفعيل قرارات الجامعة العربية ودول عدم الانحياز الصادرة أثناء الإضراب في أيار الماضي وفي مقدمتها طرح قضية الأسرى على الجمعية العمومية للأمم المتحدة والمجلس الأممي لحقوق الإنسان والمضي قدماً في عملية التدويل حتى النهاية. كما وقامت هذه المؤسسات بدور هام على صعيد:
1. تنظيم زيارات المحامين للقاء الأسرى والإطلاع على أوضاعهم من كافة الجوانب.
2. رصد وتوثيق الانتهاكات التي تعرض لها الأسرى أثناء الإضرابات المفتوحة عن الطعام.
3. إصدار التقارير اليومية والدورية التي ترصد الحركة اليومية للأسرى والانتهاكات والإجراءات الإسرائيلية بحقهم.
4. المشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي الذي نظمته الأمم المتحدة في فينا في مطلع نيسان الماضي.
5. اللقاء مع المقرر الخاص للأمم المتحدة فولك في عمان في شهر شباط الماضي وإطلاعه على أوضاع وظروف الأسرى ومعاناتهم اليومية والانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة تجاههم.
6. التواصل مع المجلس الأممي لحقوق الإنسان والمنظمات الدولية وفي مقدمتها الصليب الأحمر الدولي ومنظمة العفو الدولية ومنظمة الصحة العالمية، وحثها للضغط على الحكومة الإسرائيلية لتلبية مطالب الإضراب.
7. إطلاع منظمات المجتمع الدولي في مختلف دول العالم على نضالات الأسرى ومعاناتهم.
8. القيام بحملات دولية بما في ذلك أثناء الإضرابات المفتوحة عن الطعام ضد سياسة الاعتقال الإداري وتحشيد المجتمع الدولي لإدانة هذه السياسة والضغط على الحكومة الإسرائيلية لإغلاق هذا الملف وإطلاق سراح جميع المعتقلين الإداريين.
9. قيام مجلس منظمات حقوق الإنسان بعقد عدة لقاءات مع جهات دولية وأممية بما في ذلك مع المفوض السامي لحقوق الإنسان ومع غالبية المنظمات التابعة للأمم المتحدة العاملة في فلسطين لإطلاعها على تضحيات الأسرى وبطولاتهم وعدالة مطالبهم والمخاطر التي تهدد حياتهم أثناء الإضراب المفتوح عن الطعام وحثهم على التحرك وإدانة السياسة الإسرائيلية تجاه الأسرى وإدانة سياسة الاعتقال الإداري والضغط على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء هذه السياسة.
إن هذا الدور الهام الذي تضطلع به المؤسسات الحقوقية الفلسطينية في نصرة قضية الأسرى وإسنادهم أثناء إضراباتهم المفتوحة عن الطعام لا يعني أن هذه المؤسسات قد قامت بدورها على أكمل وجه، إنما يعني أنها بدأت في شق طريق ملموس نحو التدويل وكسر الاحتكار والفيتو الإسرائيلي المفروض عليها وزيادة وتعميق تفهم ووعي المجتمع الدولي لها باعتبارها قضية أسرى حرية ناضلوا من أجل حرية شعبهم واستقلاله. الأمر الذي يعاظم من أهمية دور هذه المؤسسات ويزيد من مسؤولياتها في المرحلة القادمة وصولاً لتطوير الموقف الدولي للاعتراف بأسرانا كأسرى حرب والضغط على الحكومة الإسرائيلية للتسليم بحقوق الأسرى والإفراج عنهم خاصة القدامى منهم والمرضى والإداريين والأطفال والأسيرات وكبار السن" .

يتبع…

شارك المقال عبر:

نشر مقال علمي للدكتور ياسين تيم من كلية الطب
حصول أ.قاسم عوض على شهادة ادارة مشاريع محترف

آخر الأخبار

ربما يعجبك أيضا

Al-Quds University