تهتم الجامعات والمؤسسات العامة بالحصول على أفضلية الأداء في عملها وينعكس ذلك سمعة طيبة وإقبالا طلابيا ودخلا أعلى وهو بالتالي يعكس مصلحة حقيقية للجامعات وليس تسلية فقط.
ولأنه كذلك تهتم المؤسسات بالحصول على تقييمات لها مصداقية تستطيع بها مواجهة العالم بثقة واعتبار. وهناك مؤسسات دولية واقليمية ومحلية للدول المختلفة تتخصص بالتقييم وتعتمد معايير للأفضلية تنجح بدرجة في التعبير عن الواقع لكنها لا تحقق الدقة في كثير من الأحيان.
معايير تقييم الأداء العام للجامعات:
وأهم المعايير التي نجحت قي اكتساب شهرة معيار Academic Ranking of World Universities ومعيار QS-World University RankingsTM وحسب هذه المعايير لم تحصل الا جامعة الملك فهد وجامعة القاهرة على ترتيب ضمن أفضل 400-500 جامعة وهذا يحبط طبعا. فهل يعني ذلك أن التعليم العربي لا يصلح فعلا. للإطلاع على طرق ونتائج هذه المعايير انظر الروابط:
QS World University Rankings. http://www.topuniversities.com/
Academic Ranking of World Universities http://www.arwu.org/
المسألة ليست بهذا السوء في الحقيقة. فمعايير التقييم ليست دقيقة في التعبير عن جودة التعليم دائما. وهي تأخذ بالاعتبار مجموعة من العوامل. وليس هناك معيار مطلق فلكل تخصص تميزه وطريقة تقييمه. وربما تتميز جامعة فوق العادة ببعض التخصصات وتكون أقل من المتوسط بتخصصات أخرى والمعيار العام بالعادة يحسب مؤشرا إجماليا.
وكمثال على التفاوت الكبير بين المعيارين أعلاه فقد حصلت إحدى الجامعات على ترتيب 100-200 في المعيار الأول بينما حصلت على ترتيب 500- 600 في المعيار الثاني رغم أن هذين المعيارين يعتبران من أكثر المعايير شمولية مما يتطلب حذرا عند التعاطي معها أو مع غيرها.
لكن هذا لا يعني إهمال المعايير أيضا. فبشكل عام تحقق الجامعات المتميزة نتائج متقدمة في معظم المعايير أيضا لكن العكس ليس صحيحا بالضرورة. وربما تحصل بعض الجامعات على انطباع أفضل من حقيقتها لأنها تهتم بالصورة الإعلامية وتركز عليها أكثر من المفترض. وهذا بشبه حالات الدول فربما تتفوق دولة إعلاميا عن أدائها العام وتتأخر دولة أخرى إعلاميا عن قيمتها الحقيقية.
من المهم تحسين الجامعات أداءها الفعلي أولا ومن ثم التعبير عن نفسها بأفضل صورة ممكنة دون مبالغة أو خداع وبذلك فقط تحقق هدفها ورسالتها.
معيار تقييم المواقع الاليكترونية webometrics
قبل فترة قريبة نشرت webometrics تقييمها نصف السنوي المختص بتقييم المواقع الاليكترونية للمؤسسات العامة ومنها الجامعات. والتقييم يرتب مواقع الجامعات بناء على معايير محددة حسب المشروح أدناه.
في هذه الدورة كما الدورات السابقة حصلت مواقع جامعات فلسطينية على ترتيبات متقدمة مقارنة بمواقع الجامعات العربية الأخرى وهذا شرف للجامعات الفلسطينية ونبارك لها تقدمها. لم تأخذ معظم الجامعات الفلسطينية ذات العلاقة هذا التميز بأكبر من حجمه لكن بعضها بالغ في الأخذ به وكأن بالأمر شهادة أفضلية للمستوى الأكاديمي العام. ونشرت مواقعها وفي الإعلام مقالات إشادة ومقابلات مسئولين تحتفل بهذا التميز بشكل خاص.
وعند الأخذ بالاعتبار أن التقييم مقتصر على المواقع الاليكترونية فليس هناك علاقة سببية ضرورية بين أداء الجامعة أو مستواها الأكاديمي وبين ترتيب الموقع. ومع أن الجامعة الممتازة تحصل عادة على ترتيب متقدم بسبب اهتمامها بموقع يتناسب مع مستواها الا أن العكس ليس صحيحا بالضرورة لأن من الممكن الحصول على ترتيب أفضل من مستوى الجامعة إذا تم التركيز على تصميم موقع يبالغ في تقوية متطلبات المعايير المعتمدة.
ومع اعتراف النشر أن المقصود webometrics الا أن الانطباع من المعلومات المبرزة والتعليقات اللاحقة من قبل المسئولين يفهم منه أن الأمر يتعلق بمستوى الأداء الأكاديمي العام وليس تحديدا بالموقع الاليكتروني للجامعة وهناك فرق بين الحالتين طبعا.
وإذا تمعنا بالدراسة المنشورة في موقع webometrics نجد أن آلية تقييم المواقع تعتمد نسبة 50 % على شهرة الموقع والزيارات. ونسبة 20 % على حجم الموقع والمعيار الثالث عدد الملفات من نوع RICH المحملة للموقع بنسبة 15%. وأخيرا معيار المعلومات المتعلقة بالباحثين بنسبة 15%.
من السهل رفع مستوى التقييم من خلال التركيز على زيادة حجم الملفات المحملة أو المعلومات عن الأكاديميين أو تكثيف زيارات الموقع. بخصوص الآلية والنتائج أنظر للروابط
http://www.webometrics.info/methodology.html
http://www.webometrics.info/top100_continent.asp?cont=aw
نجد من جدول الترتيب أن بعض الجامعات تفوقت أكثر من متوسطها في الحجم والملفات وتأخرت في الشهرة. بالمقابل تأخرت جامعات أخرى أكثر من المتوسط بالحجم والملفات وملفات الباحثين مع أفضلية من ناحية الشهرة. جامعات أخرى كانت منتظمة أكثر لكنها تأخرت من ناحية ملفات الباحثين أيضا. علينا الا ننسى طبعا أن كل الأمر يتعلق بالموقع وليس الجامعة.
من الجيد أن تحسن كل جامعة موقعها للأفضل وذلك سهل نسبيا لكن من غير المناسب استخدامه لغير معناه لأن تعميم نتائج تقييم مواقع الانترنيت للجامعات على التفوق وتميز الأداء الأكاديمي يمثل مغالطة.
من المطلوب توضيح وتصحيح ذلك من ذوي العلاقة وبالتحديد وزارة ومجلس التعليم العالي. ولعل هناك مسئولية وتبعات أخلاقية وقانونية. فإعطاء الانطباع بغير واقع الحال يؤثر على تقييم الأهالي ويؤدي إلى انخداع الجمهور العام الذي سيأخذ بأفضلية أكاديمية تسبق جامعات عريقة كالجامعة الأميركية ببيروت والقاهرة وجامعة القاهرة مثلا. وبنفس الوقت فمثل هذا يجعل موقف فلسطين محرجا
أمام الآخرين بسبب عدم صحة المعلومات.
الحاجة لوضع معايير وطنية لتقييم الجامعات:
من المهم والممكن أن تبادر جهات ذات مصداقية بوضع معايير للتقييم تنشرها بشكل دوري للجامعات الفلسطينية وربما العربية أيضا. ولا يكفي الاعتماد على المؤسسات الدولية لأنها في العادة تبخس مؤسسات العالم العربي قيمتها وتضعها جميعا في سلة متخلفة دون الانتباه الكافي للتمايز الكبير بينها مع الاعتراف بتأخر هذا المستوى عن المقاييس العالمية.
ولعل أهم نتيجة لهذا التقييم المنخفض يدفع ثمنها الطالب العربي عند محاولته إكمال دراسته أو التقدم بالعمل لمؤسسات عالمية. الطالب العربي والفلسطيني بشكل خاص يعتبر متفوقا مقارنة بالمتوسط العالمي. وهذا يظهر عندما تفتح الفرص له في الجامعات الغربية. لذلك من المهم وضع أسس تقييم بينية للجامعات الفلسطينية والعربية ومقارنتها بالعالمية من خلال مقياس قومي كما فعلت الصين وأصبح معيارها أحد أهم المعايير العالمية.
يمكن لمبادرة بتوجيه من وزارة التعليم العالي أن تبدأ العمل بالمشاركة مع مؤسسات عامة. ومن واجب الجامعات تقديم مدخلات رئيسة في تشكيل هذا المعيار
ولتبدأ التجربة فلسطينيا بأخذ مقاييس المعايير العالمية مع تعديلات تعكس واقع الحال الفلسطيني أيضا.
نقترح الأسس التالية لتقييم الأداء الأكاديمي والتطويري للجامعات:
- مستوى أعضاء الهيئة التدريسية الأكاديمي والبحثي والخلفية التعليمية والمنشورات العلمية وقيمتها.
- مستوى الخدمات الأساسية المقدمة من الجامعة للطلبة وتشمل مساحات البناء والساحات وأماكن الترويح والأنشطة الأكاديمية وغير الأكاديمية ونوعية حياة الطلبة.
- مستوى الطلبة وإنجازاتهم وفرص العمل أو إكمال الدراسة لهم. والعلاقة بين أدائهم قبل دخول الجامعة وبعده وهل أثمرت الجامعة تطويرا نوعيا للطلبة أم أنها استخدمت تفوقهم الأصلي فقط.
- مستوى الأنشطة والدراسات والأدوار المجتمعية الهادفة والمؤثرة بحياة المجتمع المحلي والإنساني.
- التكلفة العامة على الطلبة وقيمة التعليم المقدم مقابل التكاليف المدفوعة.
- الحرية والأمانة ونوعية الحياة الأكاديمية والمهنية والعلاقات بين الطلبة والهيئات التدريسية.
- التنظيم الإداري وديموقراطية الإدارة ونوعية الأداء العام وكفاءة الاستخدام.
وطبعا يمكن بلورة معايير أخرى ضمن مقاييس يتفق عليها.
د. سلمان سلمان، استاذ الفيزياء النووية والطاقة العالية- كلية العلوم والتكنولوجيا في الجامعة