القدس | في ندوة سياسية وقانونية نظمتها جامعة القدس، دعت شخصيات سياسية وحقوقية إلى دعم الحراك السلمي الذي دعت اليه القوى الوطنية يوم غد الإثنين تحت مظلة الوحدة الواحدة، تنديداً ورفضاً لقانون "الدولة القومية" في إسرائيل، ومؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة الاستمرار في العمل نحو بلورة رأي عام دولي لإسقاط القانون واتخاذ الإجراءات القانونية ضده وغيره من الممارسات والقرارات. ويأتي هذا الحراك تزامناً مع اقرار القانون من قبل الكنيست الإسرائيلي بأغلبية 62 نائباً مقابل معارضة 55.
جاء ذلك خلال ندوة نظمتها كلية الحقوق في جامعة القدس تحت عنوان "قانون القومية اليهودية ومخاطره على الحقوق الوطنية الفلسطينية"، شارك فيه رئيس لجنة القدس في القائمة العربية المشتركة الدكتور أحمد الطيبي، ورئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية الأستاذ محمد بركة، والمحامي من الداخل الفلسطيني وأستاذ القانون الدولي في جامعة القدس الدكتور ضرغام سيف، بحضور رئيس جامعة القدس أ.د.عماد أبو كشك.
وأكد الدكتور الطيبي في كلمته، أنه رغم غطرسة الاحتلال ومحاولاتهم لطمس الوجود الفلسطيني، فإننا مستمرون في النضال ولن نستسلم للأمر الواقع، موضحاً أن "قانون القومية" يمس كل فلسطيني أينما كان، ويهدف إلى الغاء الرواية الفلسطينية وتكريس الرواية الإسرائيلية، ويلغي إقامة دولة فلسطين.
وشدد الدكتور الطيبي على أن هذا القانون من أخطر القوانين التي سنت في العقود الأخيرة، حيث يؤسس لنظام "الأبرتهايد"، كونه يتألف من بنود تؤكد التفوق العرقي لليهود، وتجعل التمييز ضد العرب مبرراً وشرعياً، ومبيناً أن القانون يدعم تهويد القدس، من خلال تشجيع ودعم الاستيطان اليهودي فيها، ومن خلال حرمان أهل القدس من تقرير المصير، والمس بمكانة اللغة العربية، وتقليص إمكانية استعمالها.
وقال الدكتور الطيبي: "إذا كانت إسرائيل تعَرف نفسها حتى الآن كدولة "يهودية وديمقراطية"، فهذا القانون جاء ليبرز التناقض في ذلك، ويحسم ما وصف بالتوتر بين الطابع اليهودي والطابع الديمقراطي للدولة بحيث يصبح التعريف وفق القانون الجديد "دولة يهودية غير ديمقراطية.
وتحدث الدكتور الطيبي عن توقيت إقرار هذا القانون، قائلا: " إنه في عام 2011 قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ومجموعة من المبادرين في محاولة لسن قانون القومية لكنه فشل، مرجعاً توقيته الآن إلى عدة أسباب تعود لكون العنصرية أصبحت تياراً في فلسطين، ولأن العالم العربي بأسوء أحواله، وانقسام الفلسطينيين، ولأن الرئيس الأمريكي والبيت الأبيض داعمين لإسرائيل بشكل دائم ولم يعارضوا القانون، ولعدة أسباب أخرى أيضاً".
وبين الأستاذ بركة أن هذا القانون الذي تريد إسرائيل أن يكون ذات صفة دستورية باعتباره قانون أساس، فإنه بالتالي يسمو عكس غيره من القوانين، مؤكداً أن القانون بتبعاته هو محاولة لتغريب ونفي الفلسطينيين خارج التاريخ وخارج الجغرافيا".
وتحدث الأستاذ محمد بركة عن سن القانون، قائلاً: " أنه في 19 من تموز الماضي أقر الكنيست الإسرائيلي ما يسمى "قانون القومية"، والذي كان قد طرح من أعضاء الكنيست منذ عام 2011، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد واجه كل المطالب التي دعت لتضمين القانون، وأقره قصراً.
وأشار الأستاذ بركة إلى أنه احتشد الآلاف من اليهود والعرب في شهر آب الماضي للمشاركة في المظاهرة التي دعت إليها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية داخل الخط الأخضر، لإلغاء "قانون القومية"، مبيناً أن اللجنة قدمت التماساً للمحكمة العليا الإسرائيلية مطالبين فيه إلى ابطال القانون كونه قانون عنصري، ويمس بحقوق الفلسطينيين، ومخالفاً للمواثيق الدولية.
وقال المحامي الدكتور ضرغام سيف إن "قانون القومية" قانون دستوري، ولا يمس الفلسطينيين بشكل مباشر إنما يمكن من خلاله سن التشريعات العنصرية وإضفاءه صفة الدستورية الشرعية،.
وأكد الدكتور ضرغام سيف، أن القانون سيكون بوابة لسن قوانين عنصرية أخرى في المستقبل تمس بحقوق الفلسطينيين، بناء على كون الدولة تعرف كدولة لليهود فقط، وتقصي جميع الفلسطينيين كمجموعات وأفراد.
وفي مداخلته، رحب رئيس جامعة القدس الأستاذ الدكتور عماد أبو كشك بالمتحدثين، شاكراً لهم حضورهم ومشاركتهم في هذه الندوة الهامة، مبيناً أنها تأتي في الوقت الذي نحن بحاجة ماسة فيه لفهم دقيق "لقانون القومية" وتبعاته وأبعاده السياسة والقانونية، الأمر الذي ساهمت هذه الندوة بتوضيحه ورفع الوعي العام تجاهه. وأكد أ.د. ابو كشك على ضرورة تظافر كافة الجهود وتسخير الامكانيات في فلسطين وخارجها للحفاظ على حقوق الانسان الفلسطيني، وهويته الوطنية وتعزيز ثباته على ارضه.
وأشار د. محمد خلف، عميد كلية الحقوق في جامعة القدس، على أهمية عقد اللقاءات القانونية في الجامعة كونها تسلط الضوء على أبرز ما يتعرض له الفلسطينيين، من انتهاكات اسرائيلية وتعدي على حقوق الفلسطينيين وطمس لوجودهم التاريخي في الأرض.
وينص القانون الذي أقره الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الثالثة والأخيرة بأغلبية 62 نائبا مقابل معارضة 55 وامتناع اثنين، على أن إسرائيل هي "الدولة القومية للشعب اليهودي"، وأن حق تقرير المصير فيها "يخص الشعب اليهودي فقط"، الأمر الذي يستثني فلسطينيي 48 ويهمش دورهم السياسي والاجتماعي في البلاد.