في اطار زيارة تاريخية لفلسطين، زار معالي السيد يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية لسلطنة عُمان اليوم جامعة القدس والقى من على منبرها محاضرة قيمة تطرق فيها الى الاوضاع في القدس وفلسطين والمنطقة برمتها.
وكان في استقبال الوزير الاستاذ الدكتور عماد ابو كشك رئيس جامعة القدس، والذي وصف الزيارة بالتاريخية وتساهم في فك الحصار المفروض على القدس واهلها تحديدا في هذه الظروف الحساسة التي تعصف بالمدينة وبالقضية الفلسطينية، معبرا عن اعتزاز الجامعة باختيار الوزير الضيف منبر جامعة القدس لمخاطبة الشعب الفلسطيني في القدس وعموم فلسطين، لما تحمله هذه الخطوة من دلالات عظيمة ورسائل واضحة، تزداد اهميتها لما تتمتع به سلطنة عمان الشقيقة والسلطان قابوس من مكانة واحترام ليس فقط بين دول الخليج العربي بل على مستوى العالم، ولعمق العلاقات الاخوية بين الشعب الفلسطيني والشعب العماني الذي لطالما وقف مواقفا مشرفة تجاه فلسطين والقدس.
من جانبه، وصف الوزير جامعة القدس "بالصرح العلمي العالي"، الذي اختار زيارتها اولا لانها تحمل اسم القدس بما فيها من دلالات، اراد من خلالها التعرف على ما تتعرض اليه المدينة المقدسة، تحديدا على ضوء قرار ترامب تجاه القدس، اضافة الى ما تتمتع به الجامعة من مستوى اكاديمي مميز تمكنت من تحقيقه خلال فترة زمنية قصيرة بالرغم مما يحيط بها وبالقدس وفلسطين من ظروف معقدة. كما واكد الوزير امكانية ابرام اتفاقيات تعاون بين جامعة القدس والجامعات العمانية كجامعة السلطان قابوس، الامر الذي سيساهم من تعزيز روابط الاخوة بين الشعبين وتبادل الخبرات في المجالات العلمية.
جاء ذلك خلال المحاضرة التي القاها الوزير الضيف في مسرح جامعة القدس الرئيس، بحضور جمع كبير من الاكاديميين والطلبة، الى جانب لفيف من الشخصيات الوطنية وممثلي الفعاليات الاهلية والشعبية في محافظة القدس.
وتطرق الوزير في محاضرته الى الاوضاع التي تمر بها المنطقة واثرها على القضية الفلسطينية.
في هذا السياق أشار الوزير الى ان الاوضاع التي تتعرض لها القدس وفلسطين والمنطقة العربية لم يشهد التاريخ مثلها ولم يتوقعها احد. واستهل الوزير حديثه بالقول "لنتفق اولا ان هذه الظروف ليس العرب من اوجدها"، بل هي نتيجة لصراعات بين القوى العالمية عقب انهيار الخلافة العثمانية وتنافس القوى خلال وبعد الحروب العالمية الاولى والثانية، التي افضت الى اقامة اسرائيل وتسابق القوى العظمى للاعتراف بها، وادت الى مأساة الشعب الفلسطيني، مشيرا في الوقت ذاته ان هذه الظروف التي وقعت قبل 70 عاما وادت الى تقسيم فلسطين ما كانت لتحدث الان، لأن في فلسطين من يدافع عنها، ولأن بين العرب الكثير من العقلاء الذين ما كان ليمر عليهم المخططات التي افضت الى مأساة فلسطين.
في هذا السياق، اشار الوزير ان استمرار مأساة الشعب الفلسطيني هي من الاسباب التي قادت الى ظهور بعض القوى المتطرفة في مناطق مختلفة من العالم تنتهج العنف قربانا للقدس ولفلسطين حسب ادعائها، وبالتالي فان تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني واقامة الدولة الفلسطينية ضرورة استراتيجية، من شان تحقيقها ايضا وضع حد للكثير من ظواهر العنف.
واضاف الوزير ان قرار ترمب ظاهرة من ظواهر الدبلوماسية التي لن تستقيم، وان الادارة الامريكية نفسها تدرك ذلك، لأن الشعب الفلسطيني ثابت في ارضه، واضاف مخاطبا الطلبة انتم الجيل الذي سيواجه الصعاب ويذللها، مؤكدا في الوقت ذاته ان القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية، مشددا على مكانة القدس ومكانة اهلها في العالم العربي على مر التاريخ، فالقدس هي التي نزل منها الوحي ومنها صعد الرسول الكريم ومنها نزلت الرحمة على المسلمين، فكل من دخل هذه الارض فقد حصل على بركتها.
وعبر أ.د. ابو كشك عن امتنان القدس عاصمة وجامعة لهذه الزيارة، مشيدا بمواقف سلطنة عمان وجلالة السلطان قابوس بن سعيد، والقيادة العمانية والشعب العماني الشقيق تجاه فلسطين والقدس وقضيتها العادلة. كما واطلع أ.د. ابو كشك الوزير الضيف على تاريخ ونشأة جامعة القدس، وابرز المحطات التي مرت بها، وقصص النجاح الاكاديمي والبحثي التي تحققها من خلال كلياتها المميزة بالرغم من الظروف المعقدة التي تحيط بالجامعة وتعيق عملها. جاء ذلك خلال اللقاء مع الوزير في مكتب رئيس الجامعة الذي سبق المحاضرة، والتي تخللها جولة في الحرم الجامعي، اطلع خلالها الوزير على بعض مرافق الجامعة.
وأكد أ.د. ابو كشك ان جامعة القدس قلعة علمية أكاديمية وطنية شامخة، تقدم الخدمات الاكاديمية والمجتمعية النوعية للشعب الفلسطيني، وفي ذات الوقت تحافظ على عروبة القدس وفلسطينيتها، وتعمل كل يوم على تعزيز صمود أهلها في وجه كل محاولات الطمس والتهجير، وتؤهل اجيالا متعلمة متنورة قادرة على مواجهة التحديات وتحمل الصعاب.
وتحدث عضو اللجنة المركزي لحركة فتح جبريل الرجوب عن هذه الزيارة الهامة لوزير الخارجية العماني لجامعة القدس التي وصفها باحد "اهم المعالم التي تجسد عروبة القدس"، مثمنا الرسالة التي يحملها الوزير بن علوي لشعب فلسطين العظيم، بان موقف العمانيين هو موقف ثابت تجاه فلسطين والقدس وان الفلسطينيين ليسوا وحدهم، مشيرا الى وقوف القيادة العمانية والشعب العماني مع الشعب الفلسطيني وان العلاقة كانت قائمة وما زالت قائمة على الاسناد والنصح، مشيرا الى ان الوزير بن علوي هو اول وزير خارجية عربي يقرر ان يجري زيارة لفلسطين لمدة ثلاثة ايام متواصلة، يزور خلالها مدنها وقراها ومخيماتها، ويبيت بين اهلها، ليتعرف عن كثب عما تتعرض اليه فلسطين.
وفي نهاية اللقاء، قدم الاستاذ الدكتور عماد ابو كشك للوزير بن علوي هدية تذكارية تعبيرا عن امتنان القدس الجامعة والعاصمة لهذه الزيارة الاخوية التاريخية، وتكريما لروابط الاخوة العميقة بين فلسطين وسلطنة عمان.
كما قدم مجلس اتحاد طلبة جامعة القدس درعا تكريميا للوزير الضيف، تعبيرا عن اعتزاز طلبة الجامعة بالوزير الضيف، معبرين عن تطلعهم لاستضافة اشقائهم من طلبة عمانيين في جامعة القدس.