طالب أكاديميون وحقوقيون بضرورة فرض عقوبات تجاه ما تمارسه دولة الاحتلال من انتهاكات وسياسات جائرة بحق الأهالي المقدسيين تشمل ممارسات الهيمنة اليهودية الإسرائيلية والاستيطان الاستعماري في المدينة.
جاء ذلك خلال مؤتمر القدس الدولي: الشرارة نحو التحرير، الذي استضافته جامعة القدس، ونعمه مركز العمل المجتمعي في الجامعة بالشراكة مع مركز عدالة، ومؤسسة الحق، والائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس، في حرم الجامعة الرئيس-أبو ديس.
وهدف المؤتمر للبناء على إنجازات هبّة الوحدة والكرامة/هبّة أيّار2021، من تجلي وحدة الشعب الفلسطيني وتعزيز الخطاب الذي يكرّس الحالة في فلسطين كحالة استعمار استيطاني وفصل عنصري دوليًا.
وافتتح المؤتمر النائب التنفيذي لرئيس الجامعة أ.د. حسن دويك، بالنيابة عن أ.د. عماد أبو كشك، في تطرقه للظروف الصعبة التي يقاسيها الشعب الفلسطيني في القدس خاصة، كان آخرها جريمة اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة والاعتداء على جنازتها، وكثير من الاعتداءات على سكان المدينة وتهجيرهم وبناء الوحدات الاستيطانية وهدم البيوت، مهيبًا بالمجتمع الدولي بالتدخل السريع لوقف الاحتلال وتحقيق الحرية للشعب الفلسطيني.
وقال منسق الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس زكريا عودة أن المؤتمر يركز في مجمله على تحليل منظومة الهيمنة الإسرائيلية الجغرافية والديمغرافية في مدينة القدس كمدينة خاضعة للضم وتتعرض للنكبة المستمرة ومشروع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني، من خلال الهيمنة الإسرائيلية السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية في القدس.
من جهته، أشار مدير عام مؤسسة الحق أ. شعوان جبارين إلى وجود إجماع بين الأكاديميين والأكاديميات أن الحالة الفلسطينية تختلف عن كل الحالات، فهي تستهدف حقوق وكرامة الإنسان الفلسطيني، إضافة إلى أهمية وجود خطوات عملية جدية من المجتمع الدولي تجاه انتهاكات الاحتلال.
وفي الجلسة التمهيدية قدم مراسل فلسطين “ذا نيشن” الناشط محمد الكرد في مداخلته جملة من الدروس الواجب الأخذ بها من هبة القدس، منها ضرورة الانتباه لخطورة قانون تسوية الأراضي، ومراكمة التغيير من خلال التركيز على كل القضايا المهمشة وتوزيع العمل التنظيمي والتضامني بشكل منصف، إلى جانب دمج الشارع بالخطاب المؤسسي وتوحيد هذا الخطاب، مختتمًا بتغطية أحداث جنازة الشهيدة شيرين أبوعاقلة التي أعادت باب الخليل فلسطينيًا مجددًا.
وتحدثت طالبة الدكتوراه في جامعة أيرلندا رانيا محارب حول تاريخ سياسة الفصل العنصري الإسرائيلية والاعتراف به كسياسة إسرائيلية متأصلة، فيما تحدث د. رالف وايلد من كلية لندن الجامعية عن المجال المهمل في القانون الدولي في عدم الشرعية الوجودية للاحتلال على الأراضي الفلسطينية.
وتناولت الجلسة الأولى الجوانب القانونية للهيمنة الجيوديمغوغرافية المنهجية في القدس، حيث تطرق مدير مركز العمل المجتمعي د. منير نسيبة إلى قضية التهجير الصامت في القدس وإشكالية الهوية في ظل سياسة الاحتلال الهادفة إلى تقليص التواجد الفلسطيني المقدسي في المدينة، مؤكدًا أن الفلسطينيين يعيشون تحت نظام أبرتهايد.
وقدم أ. منير مرجية من مركز العمل تسلسلًا تاريخيًا لسياسة الضم، فيما تحدثت مدير الوحدة القانونية في عدالة أ. سهاد بشارة عن استخدام القانون كسياسة للهيمنة العرقية على الأرض، ليختتم الباحث القانوني د. أحمد أمارة بسياسة نزع الملكية التي تأتي أحياء سلوان كمثال واضح عليها، وكانت هذه الجلسة بتيسير منسقة وحدة الأرض والتخطيط في مركز عدالة ميسانا موراني.
وفي الجلسة الثانية التي كان ميسرها المحاضر في مركز دراسات القدس د. وليد سالم، وحملت عنوان الهيمنة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في القدس، ذهبت الباحثة القانونية بدور حسن للحديث عن بعض سياسات الاحتلال التي تعد امتدادًا للوائح البريطانية كسياسة احتجاز جثامين الشهداء والاعتقال الإداري، وتغيير أسماء الأماكن التاريخية ومنع التجمعات لفرض الهيمنة السياسية على المدينة.
جاء تاليًا مدير عام معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني د. رجا الخالدي في مداخلته بعنوان “مدينة القدس عاصمة الاقتصاد الفلسطيني بين الثابت والمتغير”، التي خلصت إلى أن السيادة في القدس هي مدخل لسيادة الاقتصاد الوطني، متناولة أبرز التحديات التي تواجه التقدم الاقتصادي للمدينة، فيما تحدث مدير هيومن رايتس ووتش في إسرائيل وفلسطين عمر شاكر عن عزل القدس عن الأحياء الواقعة خلف جدار الضم والتوسّع والهيمنة والقمع والاستحواذ على الأراضي كونها جزء من سياسة الأبرتهايد والفصل العنصري القائمة، واختتمت الجلسة بمداخلة لمدير دائرة تنمية الشباب في جمعية الدراسات العربية مازن الجعبري حول استهداف المؤسسات الفلسطينية في القدس من خلال مجموعة قوانين تشرعن هذه السياسة وتدعمها لتضعها أمام 3 خيارات هي: الدمج أو الأسرلة أو الإغلاق، بهدف منع أي نشاطات سيادية فلسطينية في المدينة.
ونهاية تحدث المقرر السابق للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 البروفيسور مايكل لينك، والمقررة الحالية فرانشيسكا ألبانيز، والمقررة المعنية لحقوق الإنسان للنازحين داخليًا سيسيليا خيمينز داماري، وممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين السفير سفين كون فون بورغسدورف، ودارت مداخلاتهم حول المساءلة الدولية لجرائم الاحتلال وكيف يتجنب الأخير بدوره العقوبات المفروضة عليه متجاوزًا القانون الدولي، وكيفية وضعه أمام المساءلة وفرض المحاسبة القانونية الدولية، متطرقين إلى وعد بلفور وعدم وجود تعريف دولي واضح وملزم لمفهوم الإرهاب.