افتتح النائب التنفيذي لجامعة القدس في حرم المدينة د. عماد الخطيب مجمع دار القنصل في البلدة القديمة في القدس، الذي أعيد تأهيله ليشكّل أحد أضخم مشاريع الترميم في المنطقة، وذلك بمشاركة نائب الرئيس التنفيذي لحرم الجامعة أ.د. حسن دويك ممثل الاتحاد الأوروبي سفين كون فون بورغسدورف، ومدير برنامج الموئل للأمم المتحدة (UN-Habitat) في فلسطين د. زياد الشقرة، وخادم الأرض المقدسة الأب فرانشيسكو باتون.
وشارك عدد من دوائر الجامعة الأكاديمية في تنفيذ المشروع على مدار ثماني سنوات، هي: كلية الهندسة ودائرة الآثار، وكلية التجارة والأعمال، واستوديو المحاكاة البصرية- معهد الطفل، ومركز القدس للتكنولوجيا وريادة الأعمال، من خلال إشراك الطلبة وتدريبهم وتمكينهم بالعمل الميداني المباشر.
وساهمت في المشروع مشاركات ما يزيد عن 40 طالبًا في دائرة الهندسة المعمارية والدراسات العليا، بإشراف المهندستين د. يارا السيفي ود. مها السمّان، وتضمنت التصميمات اللازمة للمجمّع الواقع في سوق خان الزيت مع الشارع المحيط به، كما واشترك الطلبة في أعمال إعادة التأهيل والمكونات التشغيلية في شكل تدريب أثناء العمل وتنمية القدرات، لينتج مشروعًا مبتكرًا ونموذجًا جديدًا للتنمية البيئية المستدامة.
وقال د. الخطيب لدى افتتاح المجمع “إن المشروع كان فرصة كبيرة للغاية لتقديم خبرات الطلبة من خلاله، وتطوير مهاراتهم لدى مشاركتهم في عملية الترميم التي استمرت لثماني سنوات، وتنوي الجامعة استخدام المبنى ليكون بمثابة حاضنة للأعمال للشباب المقدسيين والأفكار الريادية والابتكارية بإدارة وإشراف مباشرين منها”.
وأشار د. زياد الشقرة، إلى أن مشاركة موئل الأمم المتحدة تتماشى مع الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة، لجعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة وآمنة ومرنة، في سبيل تحسين الظروف المعيشية وفرص كسب العيش للفلسطينيين المحليين، مضيفًا “كان هدفنا الحفاظ على موقع التراث المحلي وإعادة تأهيله وتجديده لتحقيق أقصى قدر من الإدارة الحضرية المستدامة من خلال إشراك المجتمع – وخاصة الشباب”.
من جهته، نوّه ممثل الاتحاد الأوروبي سفين كون فون بورغسدورف، إلى أن المواقع التاريخية في فلسطين لا تقتصر أهميتها فقط على قيمتها الثقافية والتراثية – حيث صنف بعضها بالفعل على أنها تراث عالمي، إنما لإمكاناتها الاجتماعية والاقتصادية الواعدة، ولهذا استثمر الاتحاد الأوروبي في ترميم مجمع دار القنصل ليصبح مركزًا تعليميًا وتكنولوجيًا ومجتمعيًا، إذ نرى هنا مساحة تم تطويرها بمساندة الطلاب وهي لا تفيد الشباب فحسب، بل تفيد أيضًا مجتمع المدينة القديمة ككل، وستتيح لهم بناء مهاراتهم المهنية وتبادل الأفكار، فمثل هذه المشاريع أساسية للحفاظ على الهوية الفلسطينية للمدينة.
وأثمر المشروع عن إعادة تأهيل 36 وحدة سكنية، و5 أفنية مجتمعية ومساحة أرضية تزيد عن 1200 متر مربع، ستكون بمثابة مجمع مجتمعي في البلدة القديمة في القدس، وسيقدم من خلاله الخدمات المتعددة المجانية للمجتمع المقدسي.
ومرّ هذا المجمّع التاريخي بفترات زمنية مختلفة معقدة، وحضارات متعددة تركت بصمَتها الخاصة في طريقة بنائه، وهو ما يظهر جليًا في التشكيلات المعمارية التراكمية في زوايا المكان، ويعود مسمّى دار القنصل لأحد القناصل الألمان الذي عاش في الموقع في إحدى الفترات الزمنية الغابرة.
تجدر الإشارة أن جامعة القدس شرعت بتنفيذ المشروع في مرحلته الأولى عام 2014، ضمن رؤيتها بأهمية حماية الموروث الثقافي في المدينة المقدسّة وتسخيره لخدمة المجتمع المقدسي، وذلك بالشراكة مع حراسة الأراضي المقدسة وبرنامج الأمم المتحدة “UN Habitat”، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي.
وستشارك الجامعة بتشغيل مركز دار القنصل المجتمعي، حيث تقوم دائرة الإدارة والاقتصاد في الجامعة بمسح لاحتياجات المجتمع المقدسي لتحديد الخدمات المختلفة التي سيقدمها المركز، حيث ستديره بالشراكة مع حراسة الأراضي المقدسة.
وتقود جامعة القدس مجموعة من المشاريع المجتمعية التي تسخرها في سبيل خدمة المقدسيين وتعزيز صمودهم في القدس، من خلال مراكزها المتعددة في البلدة القديمة، كمركز العمل المجتمعي والعيادة القانونية لحقوق الإنسان، اللذين تقدم من خلالهما الخدمات القانونية والاجتماعية لآلاف المقدسيين الذين يعانون سياسات التضييق والتهجير.