الهيئة الاكاديمية والموظفين

د. أبو الحاج : الاساس في نصرة قضية الاسرى يكمن في الموقف الفلسطيني رسميا وشعبيا ولا بد من التحرك الدائم

عدد المشاهدات: 128

د. أبو الحاج : الاساس في نصرة قضية الاسرى يكمن في الموقف الفلسطيني رسميا وشعبيا ولا بد من التحرك الدائم

الاسير المحرر المناضل محمود بكر حجازي…اول اسير واول من نادى باطلاق وصف اسرى الحرب

لم يكن اللقاء مع الاسير المحرر محمود بكر حجازي بالعادي ،فهذا الرجل الذي شارف على انهاء العقد الثامن من عمره ، لا يزال يتمتع بقدر منقطع النظير من القوة والعزيمة وطيب الذاكرة وألمها في نفس الوقت ،وغلب على كلامه الاحداث العامة التي واكبها ،مبعدا قدر الامكان عن ذاته بل راح يحلل ويفند الكثير من المحطات والمعلومات التي لا زال متمسكا بتفسيره الخاص لها منطلقا من معايشته لها ،منذ عهد الثورة الاولى وحروب العام 1948 وما تلاها من انحسار عربي الى انطلاق الثورة الفلسطينية بالعام 1965 والذي كان اول اسير من اسراها .

محمود بكر حجازي من مواليد العام 1936 بالقدس ودرس في مدارسها ، ثم التحق بالجيش الاردني لغاية العام 1956 ، ثم التحق بحركة فتح منذ العام 1964 ،وقام بعملية عسكرية في منطقة الخليل واصيب اثناء العملية وحكم عليه بالاعدام بالعام 1965 ،وخرج من الاسر في اول عملية تبادل ما بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال في العام 1971 ،عاش في لبنان ثم اليمن نومنها الى ارض الوطن ضمن المجموعات الاولى العائدة في العام 1994 ، وقد التقاه طاقم المركز ليروي ابرز محطات تجربته النضالية .

البداية

حيث يقول "كنت شاويش بالجيش الاردني وقمت بتدريب مجموعة من القدس ضمن الحرس الوطني ،وفي عام 1956 واثناء وجودي بموقعي بمنطقة "الباب الجديد" واذا بجهاز الراديو ينادي العرب ابان العدوان الثلاثي على مصر ،ومصر لم تكن في تلك المرحلة بالشيء العادي ،حيث مصر جمال عبد الناصر وانبعاث البعد القومي العربي ،فما كان مني الا ان التقطت رشاشي واطلقت النار على الكمائن الاسرائيلية المواجهة لي ،وبعد اطلاق النار تمكنت من البقاء في موقعي " ، وبعد هذا الامر ولاسباب كثيرة ترك حجازي الجيش الاردني ، ويروي هنا انه ومنذ طفولته كان متاثرا بروايات جدته عن فترة الانتداب البريطاني وما عايشه الفلسطينيون من ويلات وما سجلوه ايضا من بطولات عديدة ظلت تحفر في ذاكرته ،بالاضافة الى ما شاهده بام عينه من احداث سواءا من قتل وتهجير للعديد من المناطق بالقدس ،او ببطولات القادة من امثال عبد القادر الحسيني ومن عاصره وفي هذا السياق يقول " تركزت الفعاليات والمسيرات على السفارة البريطانية والفرنسية والتي استشهدت فيها الشهيدة "رجاء ابو عماشة " ، وانا لا انسى معاصرتي للشهيد البطل عبد القادر الحسيني والابطال الذين كانو معه ،الا ان من مجمل الاحداث العديدة التي واكبتها ،حدث ادمى قلبي وهو تهجير سكان دير ياسين ،كل هذه الاحداث ولدت لدي قناعات لن تزول ما حييت وهي ضرورة ان ينهض الشعب الفلسطيني ويدافع عن وجوده ويحمي مستقبل ابناءه " .

العملية الفدائية والاعتقال

وقد ظل حجازي مشاركا فاعلا بمجمل الفعاليات الوطنية والمسيرات الجماهيرية ،الا انه لم ينتمي الى من الاحزاب او التشكيلات التي كانت قائمة آنذاك ،حيث وبحسب وجهة نظره لم تكن تلبي طموحه والسقف الذي اراده ،الى ان انتمى الى حركة فتح في اواخر العام 1964 ،ونزل لتنفيذ عملية فدائية بتاريخ 17-1-1965 ،حيث كلف مع مجموعة اخرى من الفدائيين بتدمير احد الجسور في منطقة الخليل حيث كان يستخدم لاغراض عسكرية اسرائيلية .

وعن طابع العملية الفدائية يقول " كان احد ايام شهر رمضان والطقس شتاء قارس حملنا ما توفر من سلاح والذي كان بمجمله سلاحا بسيطا ، وبعد غروب الشمس انطلقنا لتنفيذ العملية والتي كانت عبارة عن زرع برميل بارود على الجسر لتدميره ،وما هي الا لحظات حتى وجدت نفسي محاطا بالجنود والطائرات ،وحاولت وبشكل سريع ان ارى امكانية الهروب مستفيدا من قنبلة يدوية كانت بحوزتي ،وبتقديري للموقف لم يكن هناك اي امكانية للانسحاب بسلام ،وعلى ذلك فقد قررت ابقاء بندقيتي معي ،فلا فائدة من فعل اي شيء ، فانا اعتبر نفسي مناضل ومن الواجب الحرص على حياتي وليس الانتحار ،وبامكاني اكمال مسيرتي فيما بعد ،وما هي الا لحظات حتى وجدت نفسي امام جنود الاحتلال الذين طالبوني بالقااء سلاحي ،وقد تم تقييد يدي ورجلي واقتيادي الى مخفر في ظل الضرب والشتائم والركلات" .

الزنزانة "139 "

فور مثوله امام ضباط التحقيق والذين تناوبوا على التحقيق مع حجازي ،مستخدمين كل ما خبروه من اساليب نفسية ومن عذابات جسدية ،ظل المناضل حجازي لا يذكر اي معلومة تشعرهم بنشوة الانتصار ،فهو كما يقول اراد ان يهزمهم في كل يوم وفي كل اسلوب يبتدعوه ، وكان يسانده في هذا الشيء انه فعلا يكاد يكون لا يعرف الا نفسه من بين باقي اعضاء المجموعة ،حيث كان العرف الامني يقضي بذلك ابان تلك الفترة ،وعلى ذلك فقد قضى المناضل حجازي 4 سنوات و8 اشهر في الزنزانة 139 في سجن الرملة العسكري .

يقول حجازي عن هذه الزنزانة " لم تكن في تلك الفترة قد عرفت السجون وما يعنيه وجودك داخل زنزانة ، ولم يكن وجودك طيلة الليل والنهار في ظل مضايقات وحرب نفسية يقودها ضدك ضباط الاحتلال قد عرفت ،فانا على عكس كل من لحق بي لم تتوفر امامي فرصة لاعرف ممن سبقني كل هذا ،ووفق ذلك فانا اخذت اتفحص كل شيء وكنت اشك واتوجس من كل شيء ، انا موجود في زنزانة وحيدا لا يوجد حولي من اشياء سوى الجدران الخشنة وكأس وملعقة وصحن ،بالاضافة الى وجود حشرة البق والتي كانت ترافقني طيلة فترة وجودي في تلك الزنزانة ،وانا كنت اعرف انه لا يوجد غيري في هذا السجن الا انني بدأت اسمع اصوات صراخ لاناس يتعذبون لاكتشف فيما بعد انها كانت تسجيلات اعدها ضباط السجن لارهابي "

الحكم بالاعدام والتسبب باستقالة عدد من وزراء حكومة الاحتلال 

مثل المناضل حجازي امام محكمة "رحبوت " الاحتلالية والتي رفض الاعتراف بها ، وتم توجيه الاتهام له بقتل اطفال ونساء ودخول الدولة بطريقة غير شرعية والقيام باعمال معادية ،وعلى ذلك فقد حكم عليه بالاعدام ،حيث كانت حكومة الاحتلال تهدف من وراء هذا الحكم ارهاب المناضلين الفلسطينيين ووضع حد لطوفان الثورة القادم ، وقد وفرت لح المحكمة محامي من قبلها والذي بدوره طلب من حجازي استئناف الحكم ،الا انه رفض ذلك معتبرا اياه اعترافا بشرعية المحكمة ، وعلى ذلك فقد طالبت اصوات عديدة من داخل حكومة الاحتلال بضرورة تنفيذ حكم الاعدام في ظل رفض آخرين خوفا من اثارة الرأي العام الدولي ضدهم .

ويقول حجازي عن ذلك " لقد رفضت الاعتراف بشرعية المحكمة حتى لو قاد ذلك الى اعدامي ، كما رفضت التعاطي مع اي محامي معين من قبل الاحتلال ، واصريت على حقي بالحصول على محامي اختاره انا بنفسي ، وكنت اهدف من وراء ذلك الى تحقيق اكثر من هدف ،بالاضافة الى اثارة البلبلة بالرأي العام الاسرائيلي والدولي ، وبث الفرقة بالموقف الرسمي للاحتلال ،فقد اردت ان احول قصتي الى محطة نضالية يعرف من خلالها العالم ما يجري بحق الفلسطينيين ، كما انني كنت اهدف الى ارسال الرسائل الى الفدائيين بضرورة ابقاء المواجهة مع الاحتلال والانتصار عليه في احلك الظروف ،والاهم من كل ذلك انه اذا اخترت انا المحامي فسأتمكن من انتزاع صفة اسير حرب عنوة عن الاحتلال " .

وفعلا فقد تمكن حجازي من تحقيق كل اهدافه من رفض الاعتراف بالمحكمة ،وايضا استقالة عدد من وزراء حكومة الاحتلال ،والاهم انه طلب انه يقوم بالدفاع عنه المحامي الفرنسي الشهير "جان فارجيس " ، والذي تولى الدفاع عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد ،وتزوجها فيما بعد وكان من المعروف عنهم بالدفاع عن مجمل القضايا العربية والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص ، وكان للمحامي "فارجيس الدور الاكبر في فضح حكومة الاحتلال والتي رفضت التعاطي معه او استقباله فما كان منه الا ان القى منشورات تفضح وتفند ادعاء حكومة الاحتلال بالديمقراطية ، الامر الذي تسبب بالحرج الكبير لحكومة الاحتلال واضطرها الى تخفيض عقوبة المناضل حجازي من الاعدام الى المؤبد، ويستذكر من ذلك قوله " لقد انتصرت فعلا على حكومة الاحتلال وشعرت بنشوة كبيرة ،وعلى ذلك لم يعد لمقدار السنوات التي قد ابقى فيها قيد الاعتقال وزننا ثقيلا فقد حولت وجودي في سجونهم الى عبء عليهم ،وبقيت وحيدا في الزنزانة الى فترة ما بعد حرب العام 1967 ،حيث بدأ اسرى آخرين بالقدوم الى انني لم اتمكن من الاحتكاك بهم وكنت باحيان كثيرة اتواصل معهم عبر الصراخ ،وهكذا امضيت الفترة المذكورة بالزنزانة 139 .

صفقة التبادل "اسير مقابل اسير "

في تاريخ 28-2 1971 تمت اول صفقة للتبادل فيما بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال ، كان على رأس المفرج عنهم المناضل حجازي، وقد نص الاتفاق على ان يكون التبادل اسير مقابل اسير، وتم التبادل عند راس الناقورة عبر الصليب الأحمر، بعدها انتقل حجازي للعيش في بيروت، وتزوج ورزق خمسة ابناء، وبقي في لبنان اثنتي عشرة سنة نشارك خلالها في كافة المعارك لا سيما برج البراجنة وحصار بيروت عام 1982 واصيب نتيجة لذلك باربعة عشر اصابة بانحاء متفرقة من جسده ،لا تزال آثارها بادية في جسده ، ثم غادر الى سورية ومنها انتقلا الى اليمن.

وهو حاصل على العديد من الشهادات الدولية في حقوق الانسان ومجالات اخرى مختلفة ، وقد عاد إلى ارض الوطن عام 1994 مع أول دفعة للامن الوطني، وأقام في غزة، وبعدها توجه إلى الضفة الغربية وفيها استقر، وهو الان عضو بالمجلس الثوري لحركة فتح ويتمتع بمكانة ورمزية كبيرة كأول اسير فلسطيني .

شارك المقال عبر:

تشرشل يترجم رؤية عوض المعاصرة للقضية الفلسطينية
الجامعة تشارك في مؤتمر دولي حول استقامة ومصداقية البحوث العلمية وفي اللجنة الدولية حول الحريات الأكاديمية في كندا

آخر الأخبار

ربما يعجبك أيضا

Al-Quds University