القدس | عقدت جامعة القدس ندوة قانونية، بعنوان "إلغاء الإقامات كعقوبة على عدم الولاء للمحتل" في مكتبة جامعة القدس العامة، في البلدة القديمة من مدينة القدس، وبالتعاون مع جمعية برج اللقلق المجتمعية، ومركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، حيث تم نقاش حيثيات القانون الذي أصدره الكنيست الإسرائيلي، والذي بموجبه يمكن إلغاء إقامات المقدسيين بناء على "عدم الولاء" لدولة "إسرائيل".
وقال الدكتور منير نسيبة مدير وأحد مؤسسي عيادة القدس لحقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة القدس، وهي أولى العيادات الحقوقية المعتمدة في فلسطين والعالم العربي، ومدير مركز العمل المجتمعي في البلدة القديمة: "ان القانون بحد ذاته كان نكبة والتعديلات رفعت من معدل الخطر المحدق بالمقدسيين وما يحملون من مستندات يعتقد البعض انها حقوق محمية، علماً ان هذه البطاقة التي تسمى ب "الهوية الزرقاء" خاضعة للمزاج السياسي والامني الإسرائيلي، وقد يتم سحبها في اي لحظة.
وانتقد نسيبة بعض المصطلحات المستخدمة والتي يرى ان قسماً كبيراً منها مضلل، وقال: "ليس مهم المسمى بل المضمون والمحتوى، وأهمية المصطلحات واللغة، فالهوية وشروط السكن في القدس للمقيمين من المقدسيين كانت قبل اوسلو تمتاز ببعض الوضوح والثبات، بيد انها بعد اتفاق اوسلو تغيرت بشكل فضفاض وهلامي غير واضح ومزاجي، مثلاً كان سحب الاقامة او سحب الهوية بسبب السكن خارج حدود القدس بعد مدة ٧ سنوات ولو في السنة السادسة حضر حامل الهوية فانه يحتفظ بها ويجددها دون مشاكل، واضاف: "اما بعد اوسلو فقد اخترع الاحتلال ممثلا في وزارة الداخلية، مصطلح "مركز الحياة" اين تسكن وان تقضي معظم وقتك؟.
ولفت نسيبة الى التناقضات القانونية والمرتبطة بالاستيطان والسياسة العنصرية الإسرائيلية التي تبرز في المفهوم الثاني لذلك القانون العنصري الذي يعتبر وجود المقدسي في الضفة الغربية وغزة، وجودا خارج حدود اسرائيل، مع انه وفق قوانين إسرائيلية اخرى كل فلسطين التاريخية بما فيها الضفة والقطاع "ارض اسرائيل" وبناء عليها يقيمون آلاف الوحدات الاستيطانية وتنقل الحكومة الإسرائيلية هؤلاء المستوطنين الى قلب الضفة الغربية المحتلة، معتبرين ذلك قلب المشروع الصهيوني، علماً انه وفق التعديلات القانونية الاخيرة فان قانون يهودية الدولة يعتبر قانونا اساسيا.
واوضح نسيبة أنه استنادا إلى قانون معدل في الكنيست يجوز سحب الهويات لكن دون "منح إقامة بديلة إذا لم يكن يملك أي إقامة أخرى" كما ينص القانون.
واشار نسيبة الى ان الاحتلال يتعامل مع المقدسيين بوصفهم مقيمين دائمين ولا يعطيهم كامل حقوق المواطنة في وطنهم، كما يقوم بتفسير اي نشاط او تطور وفي ما تقتضيه سياسة الاحتلال حيث زاد عدد الذين سحبت هوياتهم من سكان المدينة المقدسة على اكثر من ١٥الف مقدسي منذ احتلال القدس الشرقية عام ١٩٦٧.
واوضح نسيبة ان التعديل الاخطر هو "خرق الولاء" او عمل "ارهابي" او المساعدة او المشاركة في نشاط ضمن منظمة "ارهابية"، علما ان كافة الفصائل والحركات الفلسطينية مصنفة اسرائيليا بانها "ارهابية".
وقال نسيبة ان تعريف "الولاء لدولة اسرائيل" واسع وكل سكان القدس الشرقية لا يمكنهم القبول بهذا الولاء لانهم يعتبرون هذه الدولة "دولة احتلال" ولا ولاء لها عليهم في القانون الدولي، بل هي دولة احتلال عليها ان لا تجبرهم ولا تحرمهم من حقوقهم الوطنية، مؤكداً على ان القضايا ستتوسع مع توسع العمل والتطبيق في المستقبل وذلك يخضع لعمق التفسير الفضفاض للقانون العنصري.
من جانبها قالت أ. بدور حسن مسؤولة المناصرة في مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الانسان، ان التعديلات التي اقرها الكنيست تعزز فرض رقابة ضبط للمقدسيين وتزيد من ممارسة التطهير العرقي المتبع في إسرائيل وتكشف أن "الإقامة الدائمة" ليست للأبد، وان حق المبيت للجميع في القدس إلا المقدسيين، وان زواج المقدسيين من الضفة او خارج حدود المدينة يستلزمه استصدار تصريح للمبيت في المدينة المحتلة.
واوضحت ان التعديل وهذا القانون في الاساس يأتي في سياق جملة طويلة من القوانين العنصرية، مشيرة الى ان مصطلح "مركز الحياة" مرتبط بالداخلية الإسرائيلية وما يسمى ب"التأمين الوطني" الذي أخذ دوره يتوسع، بالتفتيش والرقابة وعمل مناورات واقتحامات لمنازل المقدسيين والتدقيق في ممتلكاتهم واوراقهم الثبوتية، واين يقضون يومهم واين يطبخون وينامون وغيرها من القضايا الخصوصية.
واوضحت بدور ان القانون الأساس الذي تم اقراره الشهر الماضي يرسخ سياسات التمييز والفصل العنصري، وقد جمع هذا القانون كل القوانين العنصرية ووضعها في قانون واحد، حتى التنظيم والبناء مس ليس فقط بالمقدسيين وإنما بالفلسطينيين داخل الخط الأخضر ايضاً.
وقالت بدور ان دور وإمكانيات عمل مؤسسات حقوق الانسان محدود ومحصور جدا، كما ان عملية نقل هذه القضايا للعالم وإمكانية التغيير معدومة، والشجب والاستنكار لم يجد نفعا، إذ أصبحت اسرائيل لا تقيم لها وزنا ولا تعيره اهتماما، حتى القرارات والقوانين التي تصدر من بعض المنظمات والهيئات غير ملزمة فلا عقوبات فعلية للاحتلال الاسرائيلي.
واضافت :"ان العدالة في دولة الاحتلال (إجرائية وليست قانونية) والمحكمة العليا والقضاء الإسرائيلي مسنن من مسننات الاحتلال وركيزة من ركائز والمحكمة العليا شريكة لدولة الاحتلال وجيشه في الانتهاكات المرتكبة وفق القانون الدولي.
واوضحت :"ان الفلسطينيين بين مطرقة قضاء الاحتلال والتلاعب في القوانين والقرارات والاوامر العسكرية وسندان عدم المبالاة الدولية والدعم الاميركي اللامحدود وغير والمشروط ."
والجدير ذكره بأن جامعة القدس تهتم بالقضايا القانونية لخدمة وتعزيز صمودهم المقدسيين، وذلك من خلال مراكزها المتعددة في داخل اسوار البلدة القديمة، وخارجها من خلال المعاهد والكليات في جميع بلدات مدينة القدس.