فازت الطالبتان في دائرة الهندسة المعمارية في جامعة القدس مريم الوحش ودينا أبو شملة بالمرتبة الثالثة في المسابقة المعمارية العالمية لإحياء القرى الفلسطينية المهجرة التي تطرحها هيئة أرض فلسطين سنويًا، بإشراف الدكتورة مها السمان، وقيّمت المشاريع في العاصمة البريطانية لندن بمشاركة 66 طالبًا فلسطينيًا من 10 جامعات، قدموا 22 مشروعًا من بلدان مختلفة.
وتهدف المسابقة الى تأمين أفضل تصميم لإعادة إعمار القرى الفلسطينية التي دمرت عام 1948، حيث أدى التطهير العرقي الاسرائيلي لفلسطين آنذاك إلى إخلاء 675 بلدة وقرية مدمرة، ويجري توفير التوثيق لمعظم القرى المدمرة بغرض إعادة تصميمها على نفس موقع القرية، مع مراعاة ظروف السكان والخدمات المحدثة، وتستهدف المسابقة طلبة العمارة الفلسطينيين حول العالم.
وعقبت رئيس دائرة الهندسة المعمارية د. يارا السيفي على هذا النجاح “فخورة بتحصيل طلبتنا في فترة قصيرة، أثبت طلبة العمارة خلالها جدارتهم وقدرتهم على المنافسة مع جامعات ومدارس معمارية في الإقليم وحول العالم، وتمكنوا من الحصول على مراتب عالية ومتقدمة، مما يدلّل على سير برنامجنا الأكاديمي وخطة عملنا في الطريق الصحيح”.
وقالت د. السمان حول المسابقة “هي مسابقة سنوية تعقد للمرة الخامسة على التوالي، وهذا هو العام الأول الذي تشارك فيه جامعة القدس، والفوز بالمرتبة الثالثة هو إنجاز يبين قدرة طلابنا على التنافس على مستوى دولي، وعلى وعيهم بأهمية دور المهندس المعماري ليس فقط بالتصميم بل بالفكر والمعرفة والمسؤولية الوطنية والمجتمعية والبيئية”.
وأضافت “أود أن أشكر هيئة أرض فلسطين على طرح هذه المسابقة المهمة، كما أود أن أشكر د. عماد أبو كشك رئيس جامعة القدس ود. حنا عبد النور عميد كلية الهندسة على الدعم والتشجيع للمشاركة بالمسابقة، والشكر موصول لرئيس دائرة الهندسة المعمارية د. يارا السيفي والزملاء في الدائرة ومساعدة البحث والتدريس م. ولاء سمارة على جهودهم معنا”.
وأوضحت الطالبة أبو شملة فكرة المشروع الفائز بقولها “مشروعنا يدور حول إعادة إحياء قرية الدامون المهجرة قضاء عكا، ولم تقتصر عملية الإحياء على توفير الاحتياجات الاساسية للسكان المستقبليين فقط، بل كان هناك جزء كبير من المشروع مقام على أنقاض البلدة القديمة التي بنى فيها الناس ذكرياتهم التي دمرتها النكبة، ولذا تدور فكرة المشروع حول مفهوم إحياء الذاكرة، وهي الشيء الوحيد الذي بقي مرافقًا للاجئين في مهجرهم وتفاوتت هذه الذكريات بين المؤلمة التي حملوها من تهجيرهم ومسار رحيلهم، والذكريات الجميلة التي ارتبطت بحياتهم قبل عام النكبة.. فهي تجربة فريدة من نوعها كونها ارتبطت بشكل مباشر بتجسيد مفهوم الذاكرة وإخراجها على هيئة عمارة، إضافة إلى أن هذا المشروع ارتبط بقضيتنا التي ما زالت حاضرة إلى يومنا هذا”.
وعن دور الجامعة في دعم المشروع أكدت “كان لجامعة القدس وخاصة كلية الهندسة-دائرة الهندسة المعمارية، دورًا كبيرًا لكونهم الداعم الأول في كل خطوة ومرحلة مررنا بها لنخرج بهذا المشروع المتكامل.. كانت تجربة فريدة من نوعها وتركت بصمة قوية داخلنا، فلم يكن مجرد مشروع عابر بل عشناه بكل تفاصيله الحزينة والجميلة المنسوجة بحنين كل شخص تحدث بحسرة عن ذكريات الهجرة واللجوء، وبكل خط رسمناه وفكرة وضعناها داخل مشروعنا لنصل إلى فوزنا هذا، فشكرًا جامعة القدس، وشكرًا من القلب لكادر التدريس في دائرة الهندسة المعمارية”.
من جانبها، أشارت الطالبة مريم الوحش إلى أنها تمكنت وزميلتها من وضع بصمتيهما بقضية تمس الكل الفلسطيني في فلسطين والشتات، أي قضية حق العودة، وكان المشروع بمثابة بصمة معمارية متخصصة من دراسة حققتا من خلالها تصور وطريقة جديدة لكيفية تجسيد الذاكرة عبر العمارة والتجربة الفريدة فيها، سواءً أكانت في ذاكرة الحياة اليومية لقرية الدامون وازدهارها أم ذاكرة النكبة والتهجير، فهما ذاكرتان متلازمتان في ذهن اللاجىء الفلسطيني عامة والداموني خاصة.
واستطردت الطالبة الوحش “كانت الجامعة والدائرة الداعمين الأوائل باختيارنا لخوض تجربة مسابقة عالمية كهذه، إلى جانب الدعم المستمر من مشرفتنا، وإنه لمن دواعي الفخر أننا استطعنا أن نظفر بالفوز باسم جامعة العاصمة.. سعيدة لأني استطعت أن أرفع اسم جامعة القدس، ونتطلع للاستمرار على هذا المنوال والسعي نحو التميز دائمًا رافعين اسم الجامعة أبدًا”.
يذكر أن دائرة الهندسة المعمارية في جامعة القدس قد خرَّجت الفوج الثاني من طلابها، وخلال مسيرتها القصيرة هذه قد حققت نجاحات عديدة على المستويين المحلي والدولي، مما يؤكد عملها وفق خطة الجامعة التنموية التي تحفّز دمج التخصصات العلمية بالواقع المعاش، وتوفير الفرص الإقليمية والدولية من أجل دعم الأفكار الإبداعية والثقافية وإيصال رواية الحق الفلسطينية للعالم كافة.