دولة الأخ أحمد قريع أبو علاء رئيس مجلس أمناء جامعة القدس
الأخوات و الإخوة أعضاء مجلس الأمناء الأفاضل
الزميلات و الزملاء أعضاء مجلس الجامعة و أعضاء الهيئة التدريسيّة و الإدارية بجامعة القدس
أصحاب الحفل أبنائي و بناتي الخريجين
أولياء الأمور، الأهل و الأحبة، ضيوفنا الأعزاء، الحضور الكريم كل باسمه و لقبه
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أحييكم في هذا اليوم الأعز ، من جامعتكم جامعة القدس في بيت المقدس و أكناف بيت المقدس ، في هذا اللقاء الطيب ، و هذا الحفل المهيب لنخرج كوكبة متميزة من بناتنا و أبنائنا من طلبة جامعة القدس … هذه الجامعة العريقة … المؤسسة الأكاديميّة الرائدة بكل المقاييس ، التي ولدت شامخه وما زالت و ستبقى شامخه رغم كل التحديات … بمكانتها و دورها … بحرصها على خلق بيئة أكاديميّة تعليمية مثالية ، و سعيها الدؤوب و باستمرار للتطور و الرقي و التميز و مواكبة التطورات ، و قدرتها على التأقلم و الاستجابة للمتغيرات ، بمنهجية و خطط و استراتيجيات متعددة الأوجه و طويلة الأمد يجري التخطيط لها جيدا و تنفيذها بعناية ، نابعة من قيم ونظم ومعايير ومبادىء و بوصلة قيمية أخلاقية نؤمن بها جميعا ، واضعين نصب أعيننا بلوغ الأهداف و إنجاز التوقعات بكفاءة و فاعلية و استدامة و أثر ، من خلال المشاركة و التفاعل التام بين كافة مكونات العملية الأكاديمية ، و تعزيز ثقافة الالتزام ، و الأداء المتميز ، و القيادة الجماعية ، و الإدارة الرشيدة ، و المراجعة و التقييم المستمر ، و إدخال التكنولوجيا الحديثة ، بما يفجر طاقات أبنائنا و بناتنا الطلبة في التفكير الإبداعي ، و يعزز لديهم الثقة بالنفس ، و روح الابتكار ، و يكسبهم المهارات التي يحتاجونها و الجاهزية للتأقلم و استيعاب المتغيرات المستمرة في عالم يتطور و يتغير بسرعة فائقة في ظل التطور التكنولوجي و المعرفي الهائل و المستمر في عالمنا المعاصر.
الأخوات و الإخوة … الحفل الكريم
نلتقي اليوم لتخريج الفوج الرابع و الثلاثين من خريجي هذا الصرح الأكاديمي العملاق الذي نعتز به و نفخر … جامعة القدس … هذه المؤسسة الرائدة علميا و أكاديميا ووطنيا و نضاليا … الراسخه جذورها في قلب القدس … حارسة للمسجد الأقصى المبارك و قبة الصخرة المشرفة … تحافظ على القدس و تعزز صمود أهلها في وجه كل محاولات الطمس و التهويد و المصادرة و الاقتلاع … تحافظ على الهوية الوطنية الفلسطينيّة … وتخرج أجيالٍ قادرة على تحمل الصعاب و مواجهة التحديات مسلحين بالعلم و المهارات وروح التحدي و الإصرار و العزيمة و الإبداع يملكون مجموعة متكاملة من القيم و الادبيات الأخلاقية تكون بوصلتهم في حياتهم العملية و المهنية.
ولا بدّ لي أيضا من أن أحيي كل من قدم و يقدم لهذه الجامعة لتبقى قلعة علمية و أكاديمية ووطنية و نضالية شامخه … شامخه بكم أنتم خريجي جامعة القدس لانكم ستكونون ممثلين لهذه الجامعة أينما كنتم … ورسلا أوفياء … و أبناء أحباء … نبارك لكم في حفلكم هذا … ونبارك لأهلكم … الإمهات و الآباء الذين يعتبرون هذا الحفل حفلهم … و هذا اليوم يومهم … فهم من سهروا و بذلوا من أجل أن يروكم في هذا اليوم و أنتم تتخرجون من الجامعة لتبدأوا مشواركم في بناء وطنكم و الاستفادة مما درستموه و تعلمتوه في حياتكم العملية … لكم منا و للأهل و أولياء الأمور كل الحب و التقدير و الوفاء .
الأخوات و الإخوة … الحفل الكريم …
لقد تأسست جامعة القدس قبل عقدين من الزمن بوصفها الجامعة الفلسطينيّة العربية الوحيدة في القدس، وبرؤية تَعتبِر أنّ بالعلم و التعليم فقط يمكن حماية مستقبل شعبنا. لقد كان التعليم – حقيقةً – مفتاح صمودنا، باعتبارنا شعبًا يناضل من أجل الحرية و الاستقلال وتقرير المصير و اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة الحرة و عاصمتها القدس الشريف . وبما أنّ جامعتنا أصبحت اليوم من أرفع الجامعات في فلسطين، فإنّه بوسعنا المباهاة، إذ لدينا (15)كليةً و (29)معهدًا ومركزًا، من بينها كلية الطبّ الأولى في فلسطين، ومركز البحوث الأول لتقنيّة النانو، ومعهد دراسات القدس الذي يمنح درجة ماجستير فريدة من نوعها، وهي: تختص بالمدينة القديمة، والكلية الشرفيّة المبتكرة (بارد)- القدس للآداب والعلوم، التي تجمع بين أفضل التقاليد الأكاديميّة الأمريكيّة والفلسطينيّة.
جئتُ جامعةَ القدس أوّل مرة مثلكم أبنائي الطلبة ، طالبًا منذ أكثر من (30)عامًا، إذ شكّلت هذه الجامعة عقلي وقيمي، وغرست فيَّ إيمانًا بأنّ التعليم والحرية يسيران معًا جنبًا إلى جنب. وقد عملت في جامعة القدس مديرًا للعلاقات العامة، ونائبًا لرئيس الجامعة للشؤون الإداريّة والماليّة، ورئيسًا لدائرة العلوم السياسيّة، ونائبًا تنفيذيًّا لرئيس الجامعة، وإنّه لشرف عظيم لي أن أكون اليوم رئيسًا لجامعة أضافتْ لي وللشعب الفلسطينيّ الكثير.
سأبني أثناء خدمتي رئيسًا للجامعة، على الإرث المتميز للبروفيسور سري نسيبة، الذي لم يطور الجامعة فحسب، وإنّما صاغ قيمها أيضا. لقد قاد الجامعة على مدى (20)عامًا خلال واحدة من أصعب المراحل في التاريخ الفلسطينيّ. إنّنا مدينون بالفضل لرؤيته الخاصة بمؤسسة قوية ومستقلة، تسعى دون كلل لتكون رائدة في مجال التعليم العالي ليس في فلسطين فقط ، بل في المنطقة بأسرها قادرة على مواكبة التطور و السير في ركاب الجامعات العالمية المتميزة .
تطورت جامعتنا إلى حدّ كبير في السنوات العشرين الماضية، إذ يبلغ الآن عدد طلاب الدرجة الجامعية الأولى، وطلاب الدراسات العليا في جامعتنا نحو (12,000)طالبٍ. ويكمن وراء هذا النمو والتطور العظيمين لجامعتنا مجموعة أساسيّة من القيم و الادبيات الاخلاقية التي أعتقد أنّها بوصلتنا في عملنا ، و في تعزيز ثقافة الانتماء لدينا ، و ستستمر في إنارة طريقنا لسنوات عديدة قادمة. وفي مقدمة هذه القيم إيماننا بقدسيّة الحرية، واندفاعنا بلا هوادة للابتكار، والتزامنا بالتميز في مجاليّ الأكاديميات والبحوث، و تشجيع و تحفيز طلابنا على التعلم و تطوير مهاراتهم و قدراتهم الشخصية ، و على أخذ المخاطرة و التفكير و التجربة خارج المألوف و تعزيز قدرتهم على التأقلم و سرعة الاستجابة للتغيير ، و تقديم كل ماهو جديد و مبتكر لهم لتحقيق ذلك .
ولعل قيمة الحرية لا تُقَدّر حقّ قَدْرها إلا عند فقدانها. فقد يكون لدينا نحن – الفلسطينيين – تقدير حقيقيّ وعميق للحرية، أكبر مما لدى غالبية شعوب الأرض. إذ أدركنا من خلال المعاناة الشديدة، والخسارة، ومن خلال الكفاح والألم، ما يمكن أنْ يفقده البشر إنْ سُلبت حريتهم. هي الحرية، التي تمكّن البشر من أنْ يكونوا حقا لِمَا وُلدوا ليكونوا عليه، وتمكّنهم من خلق إمكانيات جديدة، وأنْ ينموا ويزدهروا.
هذا هو ما تمثله جامعة القدس، الحرية في تحقيق كلّ ما يمكن للمرء أنْ يحققه، وهذا هو ما نريد لجامعتنا أنْ تعنيه لجميع أعضاء هيئتنا التدريسيّة، وموظفينا، وطلابنا، وهذا هو السبب الذي يجعلنا نسعى جاهدين لخلق بيئة تعزز حرية الفكر والتعبير و الابداع.
تسير حرية الفكر جنبا إلى جنب مع حرية التعبير، إذ لا تزدهر إحداهما دون الأخرى. فنحن نشجع طلابنا على التعبير عن آرائهم، وخوض نقاشات حول القضايا التي تهمهم، وندرك دائما بأنّه علينا تسليحهم بأساس راسخ يتعلق بحقوق المواطنين وواجباتهم، واحترام القوانين والأنظمة، وحرمة الفرد، والأهم من ذلك أيضا حدود الحرية.
وتقترن نعمة الحرية بمسؤولية كبيرة. ففي حين أنّنا نشجع أعضاء مجتمعنا الجامعيّ على التعبير عن أفكارهم و معتقداتهم، فإننا في الوقت نفسه، نصر على خلق مناخ من الاحترام المتبادل، لا مكان فيه لأعمال العُنف والتهديد.
وتمنحنا الحرية المساحة اللازمة للابتكار. وتمنحنا روح الابتكار التي لدينا الشجاعة لتجربة ما لم يتحقق بعد، وللبقاء منفتحين على أساليب جديدة للتفكير والعمل، ولنكون في حوار دائم مع محيطنا المتغير باستمرار، سواء بسبب التحديات دائمة التطور التي نواجهها، أو بسبب رغبة أجيالنا الشابة في التغيير. لقد غذى اندفاعنا إلى الابتكار نمونا وتطورنا، إلا أنّ التزامنا بتعليم طلابنا ، وبالتفوق الأكاديميّ، هو ما يوجه طاقتنا وتطورنا. ولا نزال ملتزمين بأملنا المقدس في مستقبلنا، هذا الأمل المتمثل في شبابنا. إنّ آمالنا في وطننا مُعلقة عليهم حقا، وعلى ما يمكن أن نوفره لهم من فرص لينموا أفرادًا ومواطنين. هذا هو السبب الذي يدفعنا لأن نوفر لهم أشمل تجربة ممكنة، تستند إلى تعليم متحرر للفنون، ومعزز لإدراك التاريخ، وللتفكير النقدي، وللمشاركة المدنية، وللفكر السياسي، وللمساواة، وللفنون الجميلة، ولحرمة الفرد، وللمسؤوليّة الاجتماعيّة وللعدالة. والأهم من ذلك، الإيمان بمستقبل شعبنا ووطننا.
ونحن نوفر جوّا من الحرية ونشجع الابتكار، حتى نتمكن من تحقيق التميّز في الأكاديميات والبحوث، ونفخر بأن لدينا إنتاجيّة بحثيّة للفرد، هي الأعلى من أيّ جامعة أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسوف نسعى جاهدين لنبقى روادًا في إنتاج المعرفة. ونقوم حاليا بإصلاح قدرتنا الأكاديميّة من أجل تحسين إعداد الطلاب لتلبية احتياجات المجتمع والقطاع الخاص، ومن خلال منحهم الأدوات اللازمة للتفكير التحليليّ والنقدي ّوالقدرة على التواصل بفعالية.
اسمحوا لي أن أؤكد على ثلاث مبادرات من شأنها تعزيز هذا الهدف. أولها: أنّنا قمنا بإعداد مساق حول "اللغة والتفكير" وإدراجه ضمن المقررات المطلوبة لجميع طلبة المرحلة الجامعيّة الأولى في جامعة القدس. صُمّم هذا المساق لإكساب الطلاب مهارات التفكير والاتصال الجامعية. كما أنّنا نقوم بتعزيز متطلبات إجادة اللغة الإنجليزية لجميع الطلاب، بُغية تسهيل حصولهم على فرص البحث والتبادل المعرفيّ، وإعداد أولئك الذين يرغبون بالالتحاق بالدراسات العليا. كما و سنبدأ في هذا العام بتطبيق نظام الدراسة المزدوج، الذي يجمع بين النظريّة، من خلال الحصص الدراسيّة، والخبرة في عالم العمل. فمن خلال التواصل مع أصحاب العمل، سنقوم بدمج الدراسة الأكاديميّة بالقدرة العمليّة، وضمان تمكُّن طلبتنا من التطبيق الفوري للمعارف التي اكتسبوها في الصفوف الدراسية، وذلك لتحقيق الإنجاز في الحقول التي اختاروها. ومن خلال هذا البرنامج، سيكتسب الطلاب مهارات عملية قيمة، وبذلك تشارك جامعة القدس في تعزيز الاقتصاد الفلسطينيّ و تنمية مجتمعنا الفلسطيني.
ما من شك فيه أنّ المستقبل يطرح أمامنا تحديات جديدة وصعبة، إلا إنّني على يقين، بأنّنا سوف ننبري لمواجهتها. كما أنّ لدي إيمان مطلق بهيئة التدريس والموظفين والطلاب، وأتطلع إلى العمل مع أعضاء جامعتنا جميعا، للوصول إلى أهدافنا المتمثلة في التميُّز في التعليم، والإنجاز الحقيقيّ للحرية.
بناتي و أبنائي الخريجين
أنتم الآن تحملون شهادة التخرج من جامعة القدس التي تؤهلكم لخوض غمار الحياة … غمار التحدي … من أجل مستقبل أفضل لكم و لوطنكم و شعبكم … ابنائي الاعزاء … خريجي جامعة القدس و معكم عدد من إخوانكم أسرى الحرية في سجون الاحتلال و الذين أبو رغم القيد و بطش السجان إلا أن يكملوا دراستهم الجامعية في جامعة القدس ثلاثة من الأسرى حصلوا على درجة الماجستير من كلية الدراسات العليا في الدراسات الإقليمية وهم :
مسلمة عبد الله احمد ثابت
إسلام صالح محمد جرار
مصعب سميح عيد ابو شخيدم
و ثمانية على درجة البكالوريوس من كلية الاداب في العلوم السياسيه وهم :
معتصم عبدالله أحمد ياسين
اسماعيل عارف داوود عوده
بسام عبد الرحمن أحمد أبو عكر
ربيع رفيق شريف أبو الرب
منصور صالح منصور شريم
محمد عبد الرحمن أحمد عباد
ناصر حسن عبد الحميد أبو سرور
عمار مصطفى أحمد مرضي
علي فهمي إبراهيم دعنا
عمار عبد الرحمن حماد حماد
ليتخرجوا معكم اليوم فهنيئاً لكم و لهم و لكم منا المحبة و التقدير و تمنياتنا لكم جميعا بالتوفيق و السداد و النجاح و نبارك لكم و لهم خريجي جامعة القدس … أنتم اليوم بهذه الصفة لا تمثلون أنفسكم فقط … فأنتم تحملون اسما تعجز الجبال أن تحمله و يتشرف البشر بحمله … هو أنكم خريجو جامعة تقع على أطهر أرض في المعمورة … أرض الرسالات السماوية الثلاث … وهي القدس التي احتضنتكم طوال سنوات دراستكم … شربتم من مائها … و استنشقتم هواءها … وحزنتم لحزنها … فأنتم اليوم تحملون أسمى رسالة و هي الحفاظ على القدس ومؤسساتها من التهويد و الإهمال … أنتم اليوم سفراء لهذه المدينة و جامعتها … فكونوا على قدر الأمانة كما عهدناكم أوفياء لقضيتكم و للمدينة التي احتضنتكم و لجامعة القدس التي عشقتكم و عشقتموها .
ألف مبروك و بالتوفيق و شكرا للجميع و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.